قال الشيخ محمد الغزالي في أحد حواراته : ( لقد عشتُ مع زوجتي ثلاثين سنة كـأسعد زوجين في الدنيا، وكافأتها على رضاها بفقري، وأذقتُها الترف، وجعلتها تدوس الحرير والذهب!* وأنجبتُ منها تسعاً من الولد، استودعتُ رَبّي اثنين، وبقي لي سبعٌ من الإناث والذكور، ثمّ فارَقَتْ الدنيا على غير انتظار، فبكيتُها من أعماقي، وتمثّلتُ بما قيل: أمَا والذي أبكى وأضحك والذي .. أمات وأحيا والذي أمرُهُ الأَمْرُ لقد تَرَكَتني أَحْسُدُ الطَّيْرَ أَن أَرى .. أَليفَيْنِ منها لا يَرُوعُهما الذُّعْرُ ) نعرف من سيرة الشيخ الغزالي ، أنه لم يعدد أو يأتي بضرة لزوجته في حياتها ؛ كما بقي دون زواج منذ موتها -وهو في عمر الستين - إلى أن وافاه الأجل بعد ست عشرة سنة من فراقها . ذكر الدكتور القرضاوي -رحمه الله - أنه حينما كان الغزالي معاراً للتدريس في جامعة قطر إثر إنشائها ، استمر هناك لفترة لا بأس بها ، وكان يقطن في إحدى المساكن المخصصة له بمفرده لذا حرص القرضاوي على إقناع شيخه بالزواج ، لتكون هناك أمرأةً تؤنسه وتقوم على شأنه في حله وترحاله ، لكنه أبى ، متعللاً ذلك بأنه لا يريد أن يختم عمره ظالماً أو مظلوماً مع امرأة أخرى لها آمالها وأحلامها التي ستعيق كليهما عن الإيفاء بالالتزامات والحقوق المتبادلة تجاه بعضهمايبدو أن كرم النفس والطباع الشخصية مع التعلق والوفاء نحوها وعدم نسيان فضلها أو مبارحة الحسرة عليها ، قد حال دون التبسط والانشراح لغيرها ، إضافة لاستغراقه في قضايا الأمة الكبرى الذي نذر حياته للقيام بها ، كانت من الأسباب الجوهرية في انثنائه عن ضم زوجة تصاحبه بقية الفترة التي عاشها قرأت للكثير من الرواد في العصر الحديث ، وما زلت أقرأ وأطالع في التراجم والسير للأعلام والعلماء العاملين الذين ضارعوا الغزالي ممن ذاعت أخبارهم وانتشر صيتهم فيما وصل إليّ من بعض ما قيل عنهم أو نسب إليهم ، لكن يبقى الشيخ الغزالي ذو نكهة ومذاق فريد ، إذ كلما رجعت إلى كتبه وأطروحاته ، فإنني أندهش ولا أعود خالي الوفاض ، بل أشعر بمهابة كبيرة تجاهه وأجد أن عبارته وأسلوبه ما زال غضاً طرياً ، يخاطب لحظتي الراهنة ويسبق استشرافي ورؤيتي المستقبلية . رحمه الله رحمة واسعة وطيب ذكره وثراه #منذر_الخراساني

منذ 9 شهور
Bazz Logo Download

استكشف محتوى ممتع ومشوق

انضم لأكبر تجمع للمجتمعات العربية على الإنترنت واستكشف محتوى يناسب اهتماماتك

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح