ومهما تعاظمت الذنوب، فمغفرة الله أعظم ورحمته أوسع!وهناك من سبِقَت له من الله العناية فَيَعِيشُ حياتَهُ كلَّهَا في إسرافٍ وغواية، ثُمَّ يلحقُ به العفو ويتداركه اللطف في آخر العمر، فيفتح اللهُ لَهُ أبوابَ التوبة ويمهد لَهُ في الخيرات، ويوفقَهُ في عدِيدِ الحسنات التي تمحو عَدِيدَ سَيِّئَاتِهِ.فَمَاضِي الإنسان لَيْسَ قَدْرًا مَسْلُطًا عَلَيْهِ،وَلا يُوجَدُ ذَنْبٌ يَعْظُم عَلَى المَغْفِرَة، وَلا خَطِيئَةٌ تَعْلُو عَلَى الرَّحْمَة.وَقَدْ عَاشَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ حَيَاتَهُمْ فِي ضَلالٍ، ثُمَّ فِي لَحْظَةِ زَمَانٍ ماتُوا أَبْرَارًا شُهَدَاءَ، وَرُفِعَتْهُمُ المَلائِكَةُ إِلى مَنَازِلَ القَدِيسِين!والعَكْسُ صَحِيحٌ، فَقَدْ يَقْضِي العَبْدُ حَيَاتَهُ في طَاعَةٍ وَصَلاةٍ وَعِبَادَةٍ، ثُمَّ تَسْبِقُ عَلَيْهِ الكَلِمَةُ في آخِرِ العُمْرِ فيموت كافِرًا!فَلا تُدَلِّ البدَايَاتُ عَلَى الخَوَاتِيمِ،وَلا تَحْكُمَ الظُّوَاهِرُ عَلَى المَصَائِرِ،وَإِنَّمَا الأَمْرُ غَيْبُ الغَيْب!———— د. مصطفى محمود -رحمه الله-– من كِتَابِ: (عَالِم الأَسْرَار)
نسخ الرابط