أنا الذي أجبرتني الوحدة على اعتيادها ثم تحولت من عادة إلى غريزة مع مرور كل هذه السنين الطويلة، أنا صاحب القلب الذي لم يكسره إلا من أحبّه و لم يسرق سكينته إلا من اهتم لأمره و لم يخيّبه إلا من وضع أمله فيه و لم يخنه إلا من منحه ثقته و لم يطعنه إلا من آمن فيه، أنا الذي حولتني الوحدة لوحش و لا أعرف كيف سمّمت أفكاري و خيالي و وضعت في رأسي أكثر الأشياء جنوناً و غرابةً و قذارةً وسوداويةً حتى انتهكت سلامي الداخلي و عطّلت كل مهارة اجتماعية لدي فأفقدتني معرفة كيفية التعامل مع الناس و القدرة على التواجد بينهم أو العيش مع أي إنسان، أنا الذي علي أن أمارس دور القوي دائماً حتى في أشد لحظات هشاشتي و انكساري، أنا الروح الضائعة التي لا سبيل لإيجادها و المظلمة التي أبداً لن يعرف النور مجدداً طريقاً إليها، أنا الذي فقدت إيماني في معظم الأشياء ومعظم البشر و صرت أهرب منهم و أتملّص من دعواتهم و أكره مناسباتهم لا يمكنني اليوم وأنا أجلس في المسجد ساهماً في التفكير مع ألم خفيف في رأسي و بعيون أرهقتها قلة النوم أن أخفي حسدي على اجتماعهم حول طاولة واحدة و تناولهم للطعام معاً و قدرتهم على الإستمتاع حتى بأتفه الأحاديث فيما بينهم.
لا توجد تعليقات حتى الآن!
كن أول من يعلق على هذا المنشور