محمود درويش - عمان- رام الله"بعدما أصبح في إمكاني أن أعود إلى "جزء" من فلسطين وليس إلى "جزء" شخصي بل إلى "جزء" من وطن عام، وقفت طويلاً أمام خيار العودة. وشعرت بأن من واجبي الوطني والأخلاقي ألا أبقى في المنفى. فأنا أولاً لن أكون مرتاحاً، ثم سأتعرض إلى سهام من التجريح لا نهاية لها، ثم سيقال إنني أفضل باريس على رام الله أو على غزة. وبالتالي اتخذت الخطوة الشجاعة الثانية بعد الخروج وهي خطوة العودة. وهاتان الخطوتان من أصعب الأمور التي واجهتها في حياتي: الخروج والعودة. اخترت عمان لأنها قريبة من فلسطين ثم لأنها مدينة هادئة وشعبها طيب. وفيها أستطيع أن أعيش حياتي. وعندما أريد أن أكتب أخرج من رام الله لأستفيد من عزلتي في عمان.التوتر عالٍ جداً في رام الله. ومشاغل الحياة الوطنية واليومية تسرق وقت الكتابة. إنني أمضي نصف وقتي في رام الله والنصف الآخر في عمان وفي بعض الأسفار. في رام الله أشرف على إصدار مجلة "الكرمل". ويكشف غانم زريقات صديق درويش عن بعض التفاصيل في حياته بالقول: "جاء محمود إلى عمان نهاية العام 1995، لأنها المدينة الأقرب إلى فلسطين أول الأمر، فعندما دخلت القيادة الفلسطينية إلى فلسطين بدأ محمود يفكر جديا في ترك باريس، وكان الخيار أمامه القاهرة أو عمان. بعض الأصدقاء، بينهم الدكتور خالد الكركي، الذي كان وزيرا للإعلام شجعوه ورحبوا به للإقامة في عمان، وقوبلت الفكرة بالترحاب الشديد وعلى أعلى المستويات في الدولة الأردنية، وعندما وصل محمود إلى عمان، بدأ يفكر في استئجار شقة متواضعة، كما كان الحال في تونس، الرجل الطيب المقاول الأردني مروان العبداللات رفض أن يؤجر محمود درويش، وحلف أيمانا كثيرة أن الشقة هدية ورفض أخذ ثمنها. ولكن محمود رفض بشكل قاطع هذا العرض، وأخيرا اشترى المنزل بسعر التكلفة. اختار عمان لأنها برأيه أفضل مدينة يمكن أن يختلي فيها بكل هدوء ويكتب، وهذه المدينة وفرت له حقا هذه الميزة، كما أن أصدقاءه قليلون جدا فيها. راق له هدوؤها وسهولة التنقل فيها، وارتبط بمجموعة علاقات منتقاة مع العديد من العمّانيين، الذين أحاطوه بكم هائل من الحب غير القاسي". لم تختلف حياته في بيروت وباريس والقاهرة عن حياته في عمان وإن كان أبرز ما يميزها أن معظم وقت درويش في عمان كان للعمل الجاد، خير دليل على ذلك أعماله الشعرية جميعها التي صدرت عن دار رياض الريس في بيروت مثل: الجدارية 2000، حالة حصار 2002، لا تعتذر عما فعلت 2004، كزهر اللوز أو أبعد 2005، في حضرة الغياب 2006، أثر الفراشة 2008، معظم هذه الدواوين كتبت بين عمان ورام الله. #درويش
محمود درويش - محطة تونس/ باريس"غادرت دمشق إلى تونس ورأيت خلالها الرئيس عرفات والاخوان في مشهد تراجيدي. رأيت الثورة الفلسطينية تقيم في فندق على شاطئ بحر. كان المشهد مؤلماً جداً ويستدعي كتابة رواية عن هذا المصير. لكن عرفات سرعان ما أعاد بناء مؤسسته. وقال لي: واصل إصدار "الكرمل". كان مهتماً حتى بالجانب الثقافي. فقلت له أين أصدرها؟ قال لي: حيث تشاء، في لندن، في باريس، في قبرص.. ذهبت من ثم إلى قبرص كي أرتب شؤون الرخصة. وصدرت "الكرمل" من قبرص فيما كنت أنا أحررها في باريس وأطبعها في نيقوسيا وكان معاوني الكبير هو الشاعر سليم بركات". عاش في باريس نحو عشر سنوات ولكن في شكل متقطع، إذ كان يسافر باستمرار. وبقي قريباً من منظمة التحرير في تونس. يصف درويش إقامته في باريس بالقول: "كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً. لا أعرف. لكنني أعرف أنه في باريس تمت ولادتي الشعرية الحقيقية. وإذا أردت أن أميّز شعري، فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في باريس في مرحلة الثمانينيات وما بعدها. هناك أتيحت لي فرصة التأمل والنظر إلى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء. فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد في شموليته. علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والإبداع. كل ما فيها جميل. حتى مناخها جميل. في باريس كتب في وصف يوم خريفي: "أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟". ومدينة باريس أيضاً هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم. تجد العالم كله ملخصاً في هذه المدينة. وكانت لي صداقات مع كتّاب أجانب كثيرين. وأتاحت باريس لي فرصة التفرّغ أكثر للقراءة والكتابة. ولا أعرف فعلاً إن كانت باريس هي التي أصابتني أم أن مرحلة نضج ما تمت في باريس، أم أنه تطابق العنصرين بعضهما مع بعض؟ في باريس كتبت ديوان "ورد أقل" وديوان "هي أغنية" و"أحد عشر كوكباً" و"أرى ما أريد" وكذلك ديوان "لماذا تركت الحصان وحيداً؟" ونصف قصائد "سرير الغريبة". وكتبت نصوص "ذاكرة للنسيان" وغاية هذا الكتاب النثري التحرر من أثر بيروت، وفيه وصفت يوماً من أيام الحصار. معظم أعمالي الجديدة كتبتها في باريس. كنت هناك متفرّغاً للكتابة على رغم انتخابي عضواً في اللجنة التنفيذية. وفي باريس كتبت نص إعلان الدولة الفلسطينية. مثلما كتبت نصوصاً كثيرة ومقالاً أسبوعيا في مجلة "اليوم السابع". كأنني أردت أن أعوّض عن الصخب الذي كان يلاحقني في مدن أخرى". #محمود_درويش
أجمل ما قال محمود درويش في الحب فيما يأتي أبرز أقوال محمود درويش عن الحب: من سوء حظي نسيت أنّ الليل طويل ومن حسن حظك تذكرتك حتى الصباح. يعلّمني الحب أن لا أحب ويتركني في مهب الورق. من لا يملك الحب، يخشى الشتاء. والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطالهم.. يلقي عليهم نظرة ويمر. الحب مثل الموت وعد لا يردّ ولا يزول لا أريد من الحب غير البداية. هو الحب كذبتنا الصادقة. هذا هو الحب.. أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني أموت. أدرب قلبي على الحب كي يسع الورد والشوك. حين ينتهي الحب أدرك أنه لم يكن حباً.. الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر. ليس الحب فكرة.. إنه عاطفة تسخن وتبرد وتأتي وتذهب.. عاطفة تتجسد في شكل وقوام، وله خمس حواس وأكثر.. يطلع علينا أحيانا في شكل ملاك ذي أجنحة خفيفة قادرة على اقتلاعنا من الأرض.. ويجتاحنا أحيانا في شكل ثور يطرحنا أرضا وينصرف.. ويهب أحياناً أخرى في شكل عاصفة نتعرف إليها من آثارها المدمرة.. وينزل علينا أحيانا في شكل ندى ليلي حين تحلب يد سحرية غيمة شاردة، للحب تاريخ انتهاء كما للعمر وكما للمعلبات والأدوية.. لكني أفضل سقوط الحب بسكتة قلبية في أوج الشبق والشغف كما يسقط حصان من جبل إلى هاوية #محمود_درويش
أجمل ما قال محمود درويش :إن شئتُ أن أنسى تذكّرت. إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى. إن من سلبك كل شيء لن يعطيك أي شيء ولو أعطاك أهانك. دربي إلى الله يبدأ من نَجْمَةٍ في الجنوب. عشت قرب حياتي كما هي لا شيء يثبت إني حي ولا شيء يثبت إني ميت. في الهدوء نعيم وفي الصمت حياة وما بين الاثنين تفاصيل لا أحد يدركها. كل ما لا تبلغه يداك الصغيرتان مُلكُ يديك الصغيرتين إذا أتقنت التدوين بلا أخطاء. لا أكره شاعر يكرهني، لكني أعتذر عما سبّبت له من ألم. لا شيء يُعجبني أريدُ أن أبكي. للخوف أسماء عديدةْ من بينها ألا نخاف، وأن نرى الصياد في ريش الطريدة. لماذا تركتَ الحصان وحيداً؟ لكي يُؤْنسَ البيتَ يا ولدي، فالبيوتُ تموتُ إذ غاب سُكَّانُها. لي أمل يأتي ويذهب لكن لن أودعه. ماذا جنينا نحن يا أماه؟ حتى نموت مرتين فمرة نموت في الحياة، ومرة نموت عند الموت. من أنا لأقول لكم ما أَقول لكم؟ كان يمكن أَلّا أكون أَنا من أَنا كان يمكن أَلّا أكون هنا. كلما فتشت عن نفسي وجدت الآخرين وكلما فتشت عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة. #محمود_درويش
أبعد من التماهي أَجلس ُأمام التلفزيون، إذ ليس في وسعي أن أفعل شيئاً آخر هناك، أمام التلفزيون أَعثُرُ على عواطفي وأَرى ما يحدث بي ولي ألدخان يتصاعد مني وأَمدُّ يدي المقطوعةَ لأمسك بأعضائي المبعثرة من جسومٍ عديدة فلا أَجدها ولا أهرب منها من فرط جاذبيّة الألم أَنا المحاصَرُ من البرِّ والجوِّ والبحر واللغة أقلعتْ آخرُ طائرةٍ من مطار بيروت ووضعتني أمام التلفزيون، لأشاهد بقيَّة موتي مع ملايين المشاهدين، لا شيء يثبت أني موجود حين أفكِّر مع ديكارت، بل حين ينهض مني القربان، الآن، في لبنان أَدخُلُ في التلفزيون، أنا والوحش أَعلم أنَّ الوحش أقوى مني في صراع الطائرة مع الطائر ولكني أَدمنت، ربما أكثر مما ينبغي، بُطُولَةَ المجاز: التهمني الوحشُ ولم يهضمني وخرجتُ سالماً أكثر من مرة كانت روحي التي طارت شَعَاعاً مني ومن بطن الوحش تسكن جسداً آخر أَخفَّ وأَقوي، لكني لا أعرف أين أنا الآن: أمام التلفزيون، أم في التلفزيون أما القلب فإني أراه يتدحرج، ككوز صنوبر، من جبل لبناني إلي رَفَح ! #شعر #محمود_درويش
نسخ الرابط