والغريب أننا نرى أن الأفكار والأفعال والعبارات التي تنم عن الأنانية والمصالح الشخصية تحل محل كلمات وعبارات الوفاء والثناء عندما كان هذا الإنسان في أتم غناه وصحته. وفي الحقيقة فليس من الغريب على الذين يعيشون ضمن هذا النظام الجاهلي والمادي أن يكون مفهوم الصداقة والوفاء قصيراً بهذا الشكل وغير دائم، فليس من الممكن أن تنتظر من الشخص الذي يخلو قلبه من مخافة الله والذي يقيم جميع علاقاته البشرية على المعايير المادية فقط أن يدرك معنى الصداقة الحقيقية, لأنه يعتبر حسب منطقه أن من الحمق أن يتصرف الإنسان بشكل جيد وقويم مادام لا يؤمن بوجود أي آلية تقوم بمعاقبته إن اقترف أعمالا غير صالحة، كما يرى أنه من العبث قيام أي شخص – حسب المنطق الجاهلي الذي يؤمن به- بأي تضحية لشخص آخر، أو إظهار وفاء غير مبرر مادام يعتقد أنه بعد سنوات سيموت وسيفنى إلى الأبد. ولكون كل فرد في مثل هذا المجتمع الجاهلي يؤمن بنفس المنطق وهو أنه سيذهب إلى ظلمة العدم بالموت، وسينتهي به الأمر إلى عالم الفناء ففي هذه الحالة نجد أن كل فرد منهم يفكر في مصلحته وفي راحته الشخصية فقط.ولكن الوضع يختلف مع المؤمنين، فالذين يؤمنون بالله ويعترفون بعجزهم وبضعفهم ويخافون الله تعالى ويحبونه، فإنهم يُقيمون علاقاتهم الشخصية ويبنونها على ضوء ما أمرهم الله تعالى به. فأهم الخصال التي يجب أن يمتلكها المؤمن هي التقوى, التي تعني مخافة الله تعالى وخشيته وهذا ما يجعله يمتلك خلقا أصيلا وصفات حسنة وحميدة.
نسخ الرابط