منذ سنتان

بعد ‏ #مجزرة_التضامن، عادت للذاكرة أسئلة ألحت عليّ يوماً، واليوم تعود لتدق ذاكرتي مع هذا الموت المتجدد هل رأت أم القاتل أمجد يوسف ابنها وهو يلهو بحياة السوريين ويتصيدهم بلا رحمة؟!! هل هوى قلبها في حفرة الموت كما هوت قلوب السوريين والسوريات؟!هل يحق لي أن أسأل الأم وأنزلها من برج المجرد إلى تفاصيل اللحظة:"من يزيح هذا الليل الثقيل، فالفقد السوري كبير، وخيط الألم صار وجعاً في رحم الأمهات. والأمهات روح البلاد: أمهات الضحايا والشهداء، أمهات المعتقلين والسجانين، أمهات المقاتلين، وأمهات القاتلين والمقتولين، الأمهات اللاجئات والنازحات والمهاجرات، الأمهات الصامدات، الأمهات الخائفات اللواتي لو يستطعن لخبأنَ الأولاد بين الضلوع، الأمهات المحبات والكارهات....حين ينزف السؤال جرحاً يا أمهات القاتلين: كيف انفتح بئر الشر في الأبناء هكذا، كيف صاروا قاتلين، كيف صاروا سجانين؟؟!! لن أناشد أبناءكن لأن الحقد صار أكبر من ضمائرهم، والخوف من الطاغية أكل هياكلهم، والقتل فتح شهية الموت في عروقهم؛ لن أناشدهم كي يتوقفوا عن قتل طفل يخافون من ظله، لن أناشدهم أو أسألهم كيف يطلبون من طفل في الغوطة أن يحمل صورة ذله كي يزين هذا الخراب، بل ندائي يتوجه لكنّ أيتها الأمهات، يا نساء سوريا، أوقفن السقوط إلى هاوية هي أكثر من موت وأقسى من حرب.هل من الصعب أن أقول لهن، وهن يعلمن علم اليقين أن أولادهن يذهبون ليركبوا طائرات الموت ويرموا براميل الحقد لتقتل وتزرع الموت فوق زهر المشمش والياسمين، هل من الصعب أن أقول لهن أوقفوا أولادكن عن قتل الأهل "الآخرين"، امنعنَ أولادكن من الخوض في دماء أهلهم، هل من الصعب أن أقول لكل أم امنعي ولدك من أن يكون القاتل!! هل يحق لي أن أصرخ في وجه الموت المتناسل من أرحامكن: كفى!!يا أيتها الأم تخيلي أن ابنك هذا الذي يركب الطائرة أو الدبابة ويقصف بالغازات السامة أو الكلور أو أي موت حارق، تخيليه بارداً كالحجر، بارداً كالموت، تخيلي كيف تلم الأمهات الأخريات أبناءهن من الموت ويزرعونهن من جديد في تراب، تخيلي قلوبهن كيف صارت مقبرة الأحباب، تخيلي العيون الحالمة وهي تسلم روحها للغياب.. صار الوطن كتلة من الذكريات التي كلما جاءت أوجعتأوقفن القتل كي لا تقضين العمر نواحاً على أولادكن القاتلين "المقتولين" بفعلتهم، ليس متأخراً أن أطلب منكن سحب أبنائكن من ظل الطاغية، مازال هناك بقايا حياة، كي لا تصبح سوريا بلاد المقابر والطغاة، فلتحرّمن الدماء على الدماء، لمن ستبقى عروش البلاد، من سيبني هذا الخراب، هل ستبقين كبقايا خيال تحرسن العتبات، أقول للأمهات..مدنكن هي التي تُنهب، شوارعكن هي التي تُقصف، بلادكن هي التي تُهجر، وأولادكن أنتنّ من يقتلون ويذبحون، ثم يعودون إلى أحضانكن راضين مرضيين، حرّموا أحضانكن على الأبناء القتلة!!أبناؤكن أيتها الأمهات السوريات، هم من يسرقون "يعفّشون" الوطن من الغوطة إلى عفرين، يسرقون الذكريات، يسرقون الزيتون والزنابق والأرزاق، فرحين بالـ"غنائم" ، يا ضياع التربية فيهم يا لضحالة الأخلاق. أبناؤكن يسرقون ملح الخبز الذي كان بين الناس، يقتلون العيش بين الناس، اضربوهم كما تفعل الأمهات بالأبناء حين تطاولوا على الله، حين تطاولوا على لغة الحب وحسن الجوار، أي أمهات تعيسات أنتن لهؤلاء الأبناء! أوقفن أبناءكن كي يتوقف الموت، ولو ساعة، كي نحصي الغياب، فسماء الخير تمطر، وأنتن تنجبن الحياة؛ الغزاة سيرحلون، صيرورة التاريخ تحكي أنهم راحلون، ستقف أمهات "الجنود، القتلة" ذات يوم ويقلن لحكام بلادهن لا نريد لأولادنا أن يُقتلوا هناك، لا نريدهم موتى، نريدهم أحياء؛ لا نريد أبناءنا قتلة فاليد الملوثة بالدماء لن تغسلها التوبة لن يغسلها ولا أقدس ماء!!…"

منذ سنتان
منذ سنتان
منذ سنتان
Bazz Logo Download

استكشف محتوى ممتع ومشوق

انضم لأكبر تجمع للمجتمعات العربية على الإنترنت واستكشف محتوى يناسب اهتماماتك

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح