close

ثانيا : حقوق الأخوة فى الله . الحق الأول : الحب فى الله والبغض فى الله . ففى الحديث الذى رواه أبو داود والضيـاء المقدسى وصححه الشيخ الألبانى من حديث أبى أمامة الباهلى أنه ( قال (( من أحبَّ لله ، وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ))() . وفى الصحيحين من حديث أنس أنه ( قال : (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمـان ،أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود فى الكـفر كما يكره أن يقذف فى النار ))() . وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى ( قال : (( سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل ، شاب نشأ فى عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا فى الله ، اجتمعا ، عليه ، وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال ، فقال : إنى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكـر الله خالياً ففاضت عينـاه ))(). هل فكـرت فى هذا الحديث النبوى الشريف ؟!! يومٍ تدنـو الشمس من الرؤوس ، والزحام وحده يكاد يخنق الأنفاس ، فالبشرية كلها - من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة - فى أرض المحشر ، وجهنم تزفر و تزمجر ، قد أُتِىَ بها (( لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها )) () فى ظل هذه المشاهد التى تخلع القلب ، ينادى الله عز وجل على سبعة ليظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله - سبحانه وتعالى - ضمن هؤلاء السبعة السعداء رجـلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، يالها ورب الكعبة من كرامة !! وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة ( أن النـبى ( قال : (( إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى ، فأرصد فأرض الله له على مدرجته ، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال : أين تريد ؟ فقال : أريد أخاً لى فى هذه القرية . قال : هل لك عليه من نعمة تَرُبّها ؟ قال : لا . غير أنى أحببته فى الله عز وجل ، قال : فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ))() وفى موطأ مالك وأحمـد فى مسنده بسند صحيح ، والحاكم ،وصححه ووافقه الذهبى أن أبا إدريس الخولانى رحمه الله قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برَّاق الثَّنايا والناس حـوله فإذا اختلفوا فى شىء أسندوه إليه ، وصدروا عن قوله و رأيه . فسألت عنه ؟ فقيل : هذا معاذ بن جبل ( فلما كان الغد هجَّرت ، فوجدته قد سبقنى بالتهجير، ووجـدته يصلى، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قِبَل وجهه ، فسلَّمت عليه . ثم قلت : والله إنى لأحـبُّك فى الله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، قال : فأخذ بحبوة ردائى ، فجبذنى إليه ، وقال : أبشر ، فإنى سمعت رسول ( يقول : قال الله تبارك وتعالى : وجبت محبتى للمتحابين فىّ ، والمتجالسين فىّ ، والمتزاورين فىّ ، والمتباذلين فىّ )) () وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه ( قال : (( والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم ))() . فسلم على أخيك بصدق وحرارة ، لا تسلم سلاماً باهتاً بارداً لا حرارة فيه. إننا كثيراً لا نشعر بحـرارة السلام واللقاء ولا بإخلاص المصافحة .. لا نشعر أن القلب قد صافح القلب . ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة ( قال عليه الصلاة والسلام. (( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فخيارهم فى الإسلام خيارهم فى الجاهلية إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ))(). قال الخطابى : فالخَيِّر يحنو إلى الأخيار والشرير يحنو إلى الأشرار هذا هو معنى ما تعارف من الأرواح ائتلف وما تنافـر وتناكر من الأرواح اختلف ، لذا لا يحب المؤمن إلا من هو على شاكلته من أهل الإيمـان والإخلاص ولا يبغض المؤمن إلا منافـق خبيث القلب ، قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ( [ مريم : 96 ]. أى يجعل الله محبتة فى قلوب عباده المؤمنـين ، وهذه لا ينالها مؤمن على ظهر الأرض إلا إذا أحبـه الله ابتداءً . كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال رسول الله ( : (( إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال : إنى أحب فلاناً ، فأحبه قال : فيحبه جبريل ، ثم يُنادى فى السماء فيقول : إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء . قال ثم يوضع له القبول فى الأرض ، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول : إنى أُبغض فلاناً فأبغضه فقال : فيبغضه جبريل ثم يُنَادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه . قال : فيبغضونه . ثم توضع له البغضاء فى الأرض ))() أيها الأحباب الكرام : المرء يوم القيامـة يحشر مع من يحب ، فإن كنت تحب الأخيار الأطهار ابتداءً من نبيك المختار وصحابته الأبرار والتابعين الأخيار ، وانتهاء بإخوانك الطيبين فإنك ستحشر معهم إذا شاء رب العالمـين وإن كنت تحب الخبث و الخبائث وأهل الفجور واللهو واللعب كنت من الخاسرين فتحشر معهم إذا شاء رب العالمين . ففى الصحيحين من حديث أنس بن مالك ( : أن رجلاً سأل النبى ( عن الساعة .فقال يا رسول الله متى الساعة . قال : (( وما أعددت لها )). قال : لا شىء ، إلا أنى أحب الله ورسوله . فقال : (( أنت مع من أحببت )) قال أنس : فما فرحنا بشىء فرحنا بقول النبى ( : (( أنت مع من أحببت )) .قال أنس فأنا أحب النبى ( وأبا بكر وعمر ، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّى إياهم وإن لم أعمل بعملهم ))(). ونحن نشهد الله أننا نحب رسول الله وأبى بكر ، وعمر ، وعثمان وعلىّ وجميع أصحاب الحبيب النبى ، وكل التابعين لنهجه وضربه المنير ونتضرع إلى الله بفضله لا بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين.ولله در القائل :أتحب أعـداء الحبيب وتدعـى حباً له ، ما ذاك فى الإمكـانوكذا تعادى جاهـداً أحبـابه أين المحـبة يا أخا الشيطان ؟! إن المحــبة أن توافـق مـن تحب على محـبته بلا نقصـانِ فلئن ادعيت له المحبـة مـع خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان لو صـدقت الله فيما زعمتـه لعاديت من بالله ويحـك يكفرُوواليت أهل الحق سراً وجهـرة ولما تعاديهم وللكـفر تنصـرُفما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هناك تذكـرُمباينة الكـفار فى كـل موطن بنا جاءنا النص الصحيح المقرروتخضع بالتوحـيد بين ظهورهم تدعـوهم لـذاك وتجــهر ومن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب ( أن النبى ( قال : (( إذا أحب الرجل أخاه فيخبره أنه يحبه ))(). وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس : أن رجلاً كان عند النبى ( فمر به رجل فقال : يا رسول الله ! إنى لأحب هذا . فقال له النبى ( : (( أعلمته ؟ )) قال : لا . قال : (( أعلمه )) قال : فلحقه ، فقال : إنى أحبك فى الله . فقال : أحبك الذى أحببتنى له . وفى الحديث الـذى رواه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث معاذ بن جبل أن النبى ( أخذ بيده وقال (( يا معـاذ والله إنى لأحبـك )) .فقال معاذ : بأبى أنت وأمى يا رسـول الله ، فوالله إنى لأحبك . فقال ( : (( أوصيك يا معاذ فى دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعنى على ذكرك وشكرك ، وحسن عبادتك ))(). وامتثالاً لأمر النبى الكريم ،فإنى أشهد الله أنى أحبكم جميعاً فى الله وأسأل الله أن يجمعنى مع المتحابين بجلاله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، إنه ولى ذلك والقادر عليه .

close
صقر العرب

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح