لما شركة تحصل فيها أزمة، فنلاقي مديرين من إدارات مختلفة ومستويات إدارية مختلفة، من الإدارة العليا للوسطى للموظفين، منهم اللي لسه شغال في الشركة أو لسه سايب الشركة بقاله فترة بسيطة، تعليقاتهم كلها في أفضل الأحوال هي أخذ مسافة من الشركة والتنصل من أي مسئولية عن الأزمة، وصولا للانتقادات وربما السب للشركة وما يحدث فيها، فدا يعني إن ربما أكبر أزمة في الشركة كانت بناء الفريق وثقافة الشركة الداخلية.والحقيقة إن دي هي أهم مهمة ومسئولية بتقع على عاتق الإدارة التنفيذية العليا، واللي صعب حد تاني يقوم بيها، يعني مهام زي التسويق والمالية والعمليات وغيره، كلها في إدارات كاملة بتقوم بيها وموظفين يعملوها، لكن بناء الفريق والثقافة الداخلية هي وظيفة أساسية للقيادة، حتى لو في مساهمة من إدارة الموارد البشرية مثلا في التنفيذ وخلافه.والحقيقة برضه إن دي مهمة ومسئولية صعبة للغاية، أولا لأنها مرتبطة بالبشر والعلاقات بينهم وخلافه، وازاي بيفكروا وازاي بيتصرفوا، وثانيا لأنها بتاخد وقت ومجهود كبير، وثالثا لأنها محتاجه التزام واتساق مستمر consistency، ودي كلها حاجات صعبة ومش سهلة في ظل الانشغال المستمر للإدارة.بس نقدر نقول إن لما دا بيتبني صح، بيشيل الشركة في أوقات الشدة، وحتى في غيرها، بنلاقي أداء أفضل من المعتاد، يعني لما الدنيا مثلا تعجز ماليا وتحتاج تأخر المرتب مثلا، فلو الفريق راضي وفي ثقافة مبنية على الانتماء والعطاء (اللي هو حاجة متبادلة بالمناسبة يعني انتماء الشركة للفريق ثم انتماء الفريق للشركة، وبتيجي بالترتيب دا بالمناسبة برضه) فالناس هتشيل وتتحمل، والعكس صحيح، لما الشركة تكون أمورها ماشية كويس وبتكافئ الفريق، فالفريق هيبقى بيؤدي بأفضل ما يكون.امبارح كنت في اجتماع مع عميل بنعمله استشارة، فكان بيحكي إنه ازاي أول لما مسك (وهو بيزنس عائلي فكان بيتولى بعد والده الله يرحمه) اضطر يغير الفريق الأساسي كله لأنه مكنش بيدعمه، وجاب فريق جديد، واستثمر فيه، وكان أهم حاجة بالنسباله هي السلوك attitude و"البطانة" بتعبيره، والحمد لله الأمور اتحسنت والشركة كبرت، فلما جت الكورونا، اضطر يخفض الرواتب، وبقت الناس بتقبض نص مرتب لمدة شهور، هو بيحكي إنه مكنش متخيل الناس مش بس ترضى لكن كمان محدش يشتكي بل ويحاولوا يدعموا قدر استطاعتهم، ودا علشان الشركة سبقت من البداية واستثمرت فيهم وفي علاقتهم بيها من خلال تحسين رواتبهم وبيئة العمل وعلاقتهم بيها وثقافة الشركة الداخلية وما شابه.ودا مش بس في المرتبات، بل في أسوء القرارات فيما يتعلق بعلاقة الشركة بالموظف وهو الاستغناء، بشكل شخصي كنت مسئول عن هذه الجزئية في أحد المشروعات اللي كنت مدير فيها، وهو كان في مجال معدل التغيير فيها مرتفع شوية medium turn over فكنت كل فترة بنستغنى عن بعض الناس، بس كنا من البداية استثمرنا في إننا نعمل منظومة تقييم كان تقريبا مفيش ليها مثيل عربيا (ودا بعد بحث ودراسة مطولة للمجال) فكانت الناس أول لما ببلغها إني عاوز أقعد معاها، بتبقى فاهمة الهدف وعارفة بالضبط اللي هيحصل نتيجة إن تقييمها (اللي كانت بتشوفه بشكل شهري) بيقول إن أداءها سيء ومفيش مؤشر لتحسنه على مدى زمني، والحمد لله مازلت على علاقة طيبة بشكل شخصي وكمان المشروع، بكل اللي مروا علينا ومضوا في طريقهم، لأن ببساطة احنا استثمرنا كتير في دا.الشاهد، فريقك هو أقوى أصل في الشركة، بناءه وثقافة العمل في الشركة بيحقق دائما أعلى عائد على الاستثمار تقدر تعمله في الشركة، فاهتم بيه.وربنا يسترها على الجميع ويعدينا من الأزمات ويلهمنا بحسن التعامل مع شركاءنا في النجاح والعمل.