close

أيها المحزون: إن كنت تعلم أنك قد أخذت على الدهر عهدًا أن يكون لك كما تريد في جميع شؤونك وأطوارك، وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي، فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عِنانها كلما فاتك مأرب، أو استعصى عليك مطلبٌ. وإن كنت تعلم أخلاق الأيام في أخذها وردِّها، وعطائها ومنعها، وأنها لا تنام عن منحةٍ تمنحها حتى تكُرَّ عليها راجعةً فتستردَّها، وأنَّ هذه سنتها وتلك خلَّتها في جميع أبناء آدم، سواءٌ في ذلك ساكن القصر وساكن الكوخ، ومن يطأ بنعله هام الجوزاء ومن ينام على بساط الغبراء، فخفِّضْ من حزنك، وكفكفْ من دمعك، فما أنت بأول غرضٍ أصابه سهم الزمان، وما مصابك بالبدعة الطريفة في جريدة المصائب والأحزان.أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكَّر لها ونظر إليها نظرة المستريب بها، وترقَّب في كلِّ ساعةٍ زوالها وفناءها، فإن بقيت في يده فذاك، وإلا فقد أعدَّ لفراقها عدَّته من قبل.لولا السرور في ساعة الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت، ولولا الوثوق بدوام الغنى ما كان الجزع من الفقر، ولولا فرحة التَّلاقِ، ما كانت تَرحَةُ الفراق.

close
مزيد الصبيحي

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح