close

سألت نفسي ذات مرة: لماذا كلّ إنسان على وجه هذا الكوكب التعيس يمتلك بصمات أصابع وعين مختلفة تماماً عن البقية، سواء ممن هم على قيد الحياة أو ممن ماتوا؟الإجابة بكلِّ بساطة كانت: لأننا مختلفون.القصة لم تنتهِ هنا، طرأ على بالي تساؤلات كثيرة: لماذا هذا الاختلاف؟ وما دمنا مختلفين، فلماذا لا يتقبّل بعضنا البعض؟أما السؤال الأهم، فهو: كيف أصبح الكثيرون منّا متساوين في الآراء والأذواق رغم اختلافهم الجوهري؟في كتاب، سيكولوجيا الجماهير، للكاتب الفرنسي، غوستاف لوبون، يجيب عن السؤال الثالث بشكل مفصّل، فيقول إنّ سبب عدم الاختلاف بين الأفراد في المجتمع الواحد، هو سرعة تأثرهم بالجمهور والتصرفات الجماعية التي تُفرَض على البقية، أيضاً لا ننسى استبداد العاطفة على الفرد، التي تجعل منه نسخة طبقاً للأصل من نسخٍ كثيرة.طبعاً، لكي يتشكّل جمهور ما، يجب أن يكون هناك قاعدة مشتركة قد تكون مبنية على الدين أو الأخلاق أو حتى على النسب والتوجّه. هذه القاعدة المشتركة يتحكّم فيها من هم على رأس الهرم، كرئيس الدولة أو شيخ القبيلة أو ربما مرشد روحي أو ديني، ومن خلال هذا القائد تُشكَّل القاعدة المشتركة ومحاكمة الفرد وإصدار الأحكام وفقاً لها. وما إن يحاول شخص ما الخروج وإظهار اختلافه، حتى يُقصى بطرق مختلفة. ومن هنا يصبح اختلاف الفرد جريمة يُعاقب عليها.مؤلم أن يصبح الاختلاف عيبًا أو جريمة. الحكومات ترى من يخالفها إرهابياً يجب إقصاؤه، المتدين يرى المتحرّر شيطاناً يجب إسكاته أو تصفيته، القبيلة ترى من يلبس لباساً يخالف عاداتها وتقاليدها مائعاً أو صعلوكاً، وحتى بعض العائلات تتبرّأ من أولادها، فقط لأنهم أبوا إلا أن يُظهروا الاختلاف الذي بداخلهم.

close
zouhir aloui

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح