close

( 37 )"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ":قال الإمام الرازي:فإن قيل : فلمَ لم يقُل : فتقبَّلها ربها بتقبُّلٍ حسَنٍ حتى صارت المبالغة أكمل ؟والجواب : أن لفظ التقبُّل وإن أفاد المبالغة إلا أنه يفيد نوعَ تكلُّف على خلاف الطبع، أما القبول فإنه يفيد معنى القبول على وَفق الطبع، فذكَر التقبُّل ليفيد الجِدَّ والمبالغة، ثم ذكر القَبول ليفيد أن ذلك ليس على خلاف الطبع، بل على وفق الطبع، وهذه الوجوه وإن كانت ممتنعة في حق الله تعالى، إلا أنها تدل من حيث الاستعارة على حصول العناية العظيمة في تربيتها، وهذا الوجه مناسب معقول. انتهى.----وحاصل السؤال: ما سر العدول عن المصدر الأصلي ل" تفعَّل" وهو التفعُّل، إلى التعبير باسم المصدر وهو القَبول، مع أن في المصدر الأصلي مبالغة ليست في اسم المصدر؟وحاصل الجواب: أن صيغة التفعُّل وإن كانت تُعطي معنى المبالغة فإنها لا تنفكُّ عن التكلُّف، ولا يخلو التكلف من نوع مجاهدة ومكابدة وجريان على غير مقتضى الطبع، فلهذا راوَح بين الاستعمالين، فقال أوَّلا" فتقبَّلها" والتكلُّف فيه لا يصح أن يكون معناه على ما هو عليه في عُرف البشر؛ لأن هذا مُحال في حق الله تعالى، فيكون معناه هنا مزيد العناية والاهتمام بشأنها، ثم قال ثانيا" بقبولٍ" ليبيّن أنها محبوبة ومَرعِيَّة من جانب الله تعالى على وَفق إرادته ورضاه، فيكون بذلك قد جمع لها بين الأمرين: مزيد العناية بشأنها، وكون ذلك على تمام المحبة ووَفق الإرادة، والله أعلم.

close
Qusai Ayman

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح