منذ 5 شهور

الموقف الأبدي"عن علي عبدالله صالح في ذكراه الخالدة. الموقف الواحد والقضية الخالدة: في ليلة من ليالي المصير الوطني، ليالي الدفاع عن الجمهورية اليمنية والدولة المتشكلة حديثًا، كانت صنعاء تعيش أصعب لحظاتها التاريخية، حصار مطبق من كل الإتجاهات، توقعات مطلقة بالهزيمة والإستسلام، معطيات غير متقاربة، فترة مفصلية قال عنها المؤرخون أشد لحظة يمنية خالدة ومؤثرة، كانت صنعاء آنذاك تدافع عن جمهوريتها المتحققة منذ خمسة أعوام، مقابل جيش إمامي يتجاوزها بالقوة والتوقعات، مدينة متروكة للزاحفين، وحصار قاتم أعدم الحياة البسيطة، ومستجدات الأحداث لا تتجاوز أحاديث الشعور اليمني بالتخلي والخذلان، جيش مصر غادر صنعاء، وترك جمهوريتها بدون حماية، الرئيس الجمهوري غادر اليمن، وترك العاصمة بلا ملامح واضحة، الرئيس الإرياني محاصر في الحديدة، وجيش الإماميين مطبق السيطرة على مشرق الشمس ومغربها، لم يكن أحد يعي فداحة الواقع كما عرفها مناضلوها، في ظل إمكانيات ضئيلة وأسلحة شحيحة، يومها استسلم القادة الكبار للهزيمة، وتوقف السياسيون عن اظهار أيّ حيلة، ليظهر من العدم مجموعة من الضباط الصغار، غيروا المعادلة وصنعوا المعجزات. كان أحد هؤلاء ضابط صغير، كما أطلق على نفسه بعدها، قائد سرية دروع، ومتخصص بمهمات قيادية في مجال القتال بالدروع، كان يملك دبابة جمهورية، ويقود سرية مدرعات، كان يتباهى بمهماته ومدرعته، ويتقدم بواسطتها كل الجبهات، محدثًا الفرق في سير المعركة، كان واحدًا من رفاق السلاح المتحمسون للدفاع عن وطنهم وجمهوريتهم، ضباطًا وقفوا بشجاعتهم وامكانيتهم وواجهوا الهزيمة، يدافعون عن أرضهم ودولتهم، صانعين الضوء من مغرب العاصمة في أحلك الظلمات، علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني الذي عايش الثورة والجمهورية وشارك بتأسيس الدولة، كان مغمورًا في معظم الأحداث والاعتبارات، لكنه من أبطالها، تمامًا كألاف الشباب والمقاتلين، شارك في معركة السبعين، وانتصر فيها، وصنع بدبابته المعجزات والملاحم البطولية، يقول عن أحلك لياليها: بتلك الفترة لم نكن كضباط نتوقع أن ننتصر، لقد كانت الظروف صادمة، لكننا قررنا الموت في سبيل قضيتنا، كنا صادقنين في مواجهتنا، متماسكين بقضيتنا، مدركين جيدًا فروق الهزيمة والإنتصار، كنا شبابًا من روح سبتمبر، وأكثر من يعي حياة ما قبلها، لم نكن مطلقًا على استعداد لترك ما صنعناه بأيدينا، كان خيارنا الوحيد، الموت على الرضوخ والإستسلام. وهكذا، انتصرت الجمهورية وتأسست الدولة، وأصبح ضباط السبعين، قيادة الدولة، وصار علي عبدالله صالح الضابط المغمور رئيسًا للجمهورية، لتمضي بعدها السنوات والعقود والأحداث، حتى يأتي ليل مختلف، في زمن مختلف، مع أحلك الشتاءات اليمنية، كان علي عبدالله صالح محاصرًا في منزله بصنعاء، حصار مطبق وقوات متقدمة وحاسمة، مع فروق كبيرة بالعتاد والإمكانيات، لكنه لا يهتم بمعطيات القوة، حينما يتعلق الأمر بالقضية، لقد عاش هذه اللحظة منذ خمسين عامًا، كل التفاصيل تشبه بعضها، وكل الملامح تتكرر كأنها ذاتها، حصار، وقضية، وجمهورية، ومصير دولة، في ديسمبر من العام 2017، كرر النداء، لجماهير الشعب والمواطنين، تمامًا كما فعلوا في نداء الدفاع أثناء حصار السبعين يومًا، ولكن المعطيات قد تغيرت. وحماسة الشعب قد تبخرت، وقيادة الدولة قد سلمت واستسلمت، ومعجزة الضباط المغمورين لم تعد في خانة التوقعات، خظب صالح في ذلك اليوم لجمهوريته، متقدمًا قضيته، بدون يأس أو خوف أو استشلام، لم يكن يأبه للموت، ولا للهزيمة، ولا للتكهنات، لقد تقبلها كلها وعايشها جلها منذ زمن طويل، يكفي أنه بدأ بذات القضية ومات من أجلها. كسيناريو إستثنائي، لبطولة يمنية، صنعت بدايتها، وختمت حكايتها في ذات اليوم، الرئيس اليمني الجمهوري الذي مات مدافعًا عن قضية خالدة، فضية لم يتوقف عن ذكرها طيلة حياته وسنواته ومراحله كلها، تاركًا خلفه حلمًا وطنيًا وطريقًا واضحًا وقضية يجب استعادتها .

منذ 5 شهور
Bazz Logo Download

استكشف محتوى ممتع ومشوق

انضم لأكبر تجمع للمجتمعات العربية على الإنترنت واستكشف محتوى يناسب اهتماماتك

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح