بالمسند#
روايةحصون من جليدالجزء 27ما أن وصلت نصف الصالة حتى لمحت ضوء المجلس المتسللمن بابه الشبه مفتوح وبدون أدنى تفكير ولا قرار مني توجهتبخطواتي هناك وفتحت الباب أكثر ودخلت فوجدتها نائمة علىالأريكة تجمع كفيها تحت خدها وكأنها طفلة لأول مرة تنام بعيداعن حضن والدتها , اقتربت منها بهدوء يشابه هدوء ملامحهاالحزينة ووجنتيها المتوردة من برد هذا المكان الذي تنام فيه بلاغطاء , اقتربت أكثر ونزلت مستندا بقدماي عند وجهها وكانتدمعتها لازالت معلقة برموشها فابتسمت بحزن ومسحتها بإبهاميثم جلست على الأرض متكئا بالأريكة التي تنام عليها خلفي وسندترأسي للأعلى فلامس أسفل معدتها فشعرت بوخزه قوية في أعماقيأيقظت شعورا دفينا طمرته خلف مشاعري من أعوام , هززترأسي بقوة وأمسكت عيناي بأصابعي مغمضا لهما , لا يا أواس أنتلا تريد طفلا يكبر هنا في أحشائها لا تريد هذا فقد تموت قريبايقتلك جدها ويأخذهما ليلقى ابنك ذات مصيرك , لن يحدثذلك حتى يموت ذاك الوحش أو يسجن للأبد**************************************************بقيت أحدق بها وهي تنظر لي بتوجس وريبة تنتظر ما سأقولفتنهدت وقلت " رغد لا أمل لك في ابنتك إلا بحل واحد "قالت من فورها " ما هوا وسأفعله فورا "قلت " متأكدة "قالت بريبة " ما تقصدين يا أمي ؟ لما لا تكوني واضحةوقولي ما لديك "تنهدت مجددا وقلت " تحدثت مع إياس وقال أن قوانين البلادتقف في صفهم بما أن والدها توفي وهم رفضوا حتى المالمقابلا للتنازل فالحل الوحيد في زواجك مـ... "قالت مقاطعة لي " إن تزوجت فستكون حجتهم أقوى يا أميوستنتقل الحضانة لك ولن يرضوا بذلك ولا أنا أريد تركها "قلت بهدوء " ليس إن كان الزوج من أهلها "نظرت لي بادئ الأمر بعدم استيعاب ثم صرخت واقفة علىطولها " لا خالد لا "هززت رأسي وقلت " لا حل غيره أمامك وهوا سبق وطلبك "قالت بذات صراخها ملوحة بيدها في الهواء " لا لن أرجع لذاكالمنزل وتلك العائلة أبدا "وقفت وأمسكت ذراعاها وأجلستها وجلست وقلت " لن يجديالصراخ في شيء وفكري بعقل يا رغد "نزلت دموعها وقالت بحسرة مشيرة لنفسها " هذا ظلم يا أميثم كيف أتزوجه وهوا شقيقه وكنت أراه كإياس طوالسنين عيشي معهم "مسحت دموعها وضممتها لحضني وقلت " هاتي حلا غيرهيا رغد , هل تضني أننا نريد أن ترجعي لهم ؟؟ لا أبدا ولكنلا حل أمامنا وإياس لم يعلن يأسه إلا وهوا يعلم جيدا أنهامسدودة من جميع الجهات "تعلقت بحضني ودفنت وجهها في صدري أكثر وقالت ببكاء" كيف يا أمي كيف ؟ أنا لم أقتنع أبدا بطلبه ذاك وأجزمأن أمرا ورائه "مسحت على شعرها وقلت " ما كان ليجبره أحد ولا شيء علىخطبتك وقبل حتى أن يطلقك شقيقه , وسببه كما قاله أن لا يأخذواندى منك وأن لا تبقي بدون زواج كل حياتك فوافقي منأجلك وأجل ابنتك يا رغد "***********************************************************لا أعلم كيف سيطر النوم على جفناي في هذا المكان البارد وعلىهذه الأريكة الغير مريحة بل وبذاك المزاج السيئ لكني أعي جيداأني استيقظت بسبب تسلل البرد لأطرافي وشعرت بشيء ثقيل علىرحمي وضننت أنها دورتي الشهرية قد اقتربت حتى فتحت عينايجيدا واكتشفت أنه ليس ما ضننت وبقيت على وضعي واستلقائي أنظرللجالس على الأرض باستغراب ويبدوا نائم أيضا , مجنون فهوا لميشفى من الرشح بعد وينام هنا في البرد وعلى الأرضية الرخاميةأيضا ! بل ما أنزله إلى هنا وهوا من طردني من الغرفة ثم لحق بيشعرت بقلبي نبض بطريقة غريبة لا أفهمها ! هل وضعنا الآن السببفيها أم شيء كعارض مرضي بسبب البرد ؟ لا أعلم ولا أفهم ! أخرجتإحدى يداي من تحت خدي ومددتها ببطء جهة رأسه وفي ذهني يتكرركلام عمته حين قالت لي أن أُمسّد على شعره وأمسح عليه وأن ألعببخصلاته إن فعلها يوما ونام به في حجري وسأكتشف حينها جزئامن خبايا شخصية أواس , لكن ما أن وصلت أصابعي لشعره حتىقبضتهم وأعدت يدي , لم أستطع كيف أفعل هذا وهوا منذ قليل كانيزمجر بي غاضبا وقال أني وسيلة لغاية فقط , نظرت لجانب وجههالمسترخي وتنهدت بأسى من وضعنا وحياتنا ومن مشاعري الآن نحوهفهل أشفق عليه ؟ هل حقا أعذره هل يمكن أن أنسى كلامه ذاك ؟؟مسحت دمعة نزلت من طرف عيني لحظة ما تحركت شفتيه وقالوعيناه ما تزالان مغمضتان " هيا لنصعد للغرفة فالمكان باردعليك هنا "كان مستيقظا إذا وأنا من ضننت أنه نائم , اعتكفت في صمتي لأنيإن تكلمت سيغضب ولن أجني شيئا إن قلت له أنت طردتني للبردعندما طال صمتي فتح عينيه ثم دار برأسه وهوا لازال متكئاوقال ناظرا لي " هل سمعتِ أم أعيد "لم أجبه ولم أزح نظري من على عينيه فمد يده لي وقال" هيا دُره تحركي "أعدت يدي تحت خدي مع الأخرى وقلت بهمس " لا أريد "ابتعد عني حينها ثم وقف وقال بحزم " ستصعدين أوأخذتك لها بنفسي "أخرجت حينها يداي وتمسكت بقوة بالمسند الجانبي للأريكة حيثكنت أتكئ عليه برأسي , وشددت عليه ممسكة له بهما ودسستوجهي هناك وقلت " لن أغادر لأي مكان "لتنطلق ضحكته مما جعلني ألتفت له بسرعة وصدمة وبقيت أنظرله بدهشة وهوا يضحك رافعا رأسه للأعلى , لأول مرة منذ عرفتهأراه يضحك ! لا وضحكة حقيقة لتتحول لابتسامة وهوا يهز رأسهوقال بضحكة خفيفة " أرفعك أنتي والأريكة فما رأيك "لم أعلق على كلامه وبقي نظري معلق بملامحه المسترخيةوابتسامته المائلة ثم قلت بابتسامة عابثة تشبه ابتسامته" لا لن تستطيع رفعنا كلينا "فتوجه نحوي بخطوة واحدة واسعة وحملني رغم اعتراضي وخرجبي من المجلس ووصلنا السلالم لحظة خروج وجد راكضة لتقف فجأةوهوا لم يراها طبعا لأنه تخطى ذاك الممر , ألا تنام هذه المرأة ؟؟يبدوا أن ضحكة أواس أخرجتها , لا وترتدي قميص نوم حرير طويلنظرت لي بحقد واضح يملأ عينيها فرفعت يداي وتمسكت بعنقه وهوايصعد بي أولى عتبات السلالم حتى وصل بي للغرفة وأنزلني هناكوقال " نامي هنا فالمجرم أواس سيخرج الآن من المنزل "وتحرك من أمامي ويبدوا يقصد الخزانة خلفي فقلت بسرعة" لا "فوقف مكانه ينظر لي باستغراب فدسست خصلات شعري خلفأذناي أشتت نظري في الأرض وقلت " أعني أين ستخرج هذا الوقت "قال من فوره " بقي على الفجر نصف ساعة تقريبا وبعدهاسأغادر لعملي "وكان سيتحرك مجددا فأمسكت بجيب قميص بيجامته المخاط بحرفيةجهة قلبه وقلت " لازال الوقت مبكرا ما ستفعل هناك من الآن "وكل هذا ونظري في الأرض لا أرى سوا قدمينا وهوا واقف أماميويدي تقبض على جيبه بقوة , لا أريد أن ينزل الآن وتفهم تلك أنهوضعني ونزل وتُكذب كلامي لها عن سبب مرضه منذ يومين أوتظن أننا تشاجرنا الآن وتستغل هذا للسخرية مني ككل مرة فقدتعِبت منها وذقت ذرعا , رفع يده ليدي وأمسكها ففقدت قواها سريعاوتركتُ قميصه فرفعها لشفتيه وقبلها وقال " سأبقى في المسجدحتى وقت الصلاة فما تريدين بي "أنزلت يدي من قبضته لتستقر على صدره وقلت " لا تذهب "وعضضت شفتي بقوة حين مرر يده على خصري مقربا لي لهفها قد فهم الأمر بشكل خاطئ وفضيع أيضا , طوق خصريبذراعيه وشدني له وقال " ولماذا ؟؟ "قاومت خوفي وارتباكي وارتجاف أطرافي فعليا أن لا أتركه يخرجليس قبل وقت الأذان , رفعت يداي للأزرار العلوية في بيجامتهوفتحت منهم اثنين ولم أستطع المتابعة فدسست وجهي في صدرهأعض شفتي بقوة فرفع ذراعيه من خصري لظهري وضمني بهمابقوة وانحنى لأذني وهمس فيها " مشاغبة "ثم وزع قبلاته عليها وعلى شعري قائلا " كنتِ فعلتها من أولالليل ورحمتنا من غضبي "ولم افهم ما عنى بهذا وما الرابط بينهما لكن المهم أنه لم ينزلأريد حقا أن يعدل بيننا وأن تأخذ ليلتها ولا أنكر حقها فيه مثليلكن أكره محاربتها لي بسبب شيء أنا لا يد لي فيه وهيتعلم ذلك جيدا*************************************************قضيت أغلب النهار أتحرك في المنزل شعلة مشتعلة من الغضبودموعي تتراقص فوق خداي أغلب الوقت , أعددت الغداء بعنفكدت أسقط به السقف وأدمره بأكمله وكماي ممسحة لدموعي طوالالوقت , أشعر بالقهر .. بقهر غير طبيعي , كيف يتزوج علي ؟؟لا وينتظر مولودا منها أيضا وأنا من غبائي صدقت أنه يعنيني أناويعني علاقتنا معا , ما أشده من أمر وما أفظعه فلم أتخيل يوماأن زواج الزوج قاتلا بهذا الشكل , مسحت عيناي بقوة لحظة مالاحظت الظل الذي سد فتحة الباب فنظرت له لا إراديا فكان آسرواقفا ببذلة الشرطة يديه في جيوبه فعدت سريعا بنظري لما أفعلوقال هوا " هل لي أن أعلم سبب كل هذا البكاء والغضبهل نظرتِ لوجهك وعينيك في المرآة "تجاهلته وفتحت الثلاجة ولم أجب عليه فتابع " هل كل هذابسبب لمسة يد فقط , حاضر مولاتي لن يتكرر ذلك "حملت الصينية وخرجت بها مجتازة له متجنبة النظر لوجههووضعتها على الطاولة ثم غادرت ركضا جهة الغرفة ودخلتوأغلقتها خلفي***********************************************بقيت واقفا مكاني أنظر للباب الذي أغلقته خلفها بقوة وتنهدتبأسى لينفتح بعدها مجددا وخرجت منه وفي يدها شيء ماوضعته على الطاولة وعادت جهة الغرفة قائلة " خذه لمأعد أريده ولم يعد يخصني حضرة الضابط "وأغلقت الباب مجددا بقوة أكبر من سابقتها فنظرت للهاتف علىالطاولة باستغراب , ما علاقته ببكائها المخيف هذا والغضبالمشتعل في عينيها ؟؟؟ توجهت نحوه ورفعته وفتشت فيه وتأففتبغيظ حين رأيت المكالمة ثم أخذته لغرفتي وأغلقت الباب خلفيواتصلت بالرقم الذي اتصل فجرا لكن صاحبته لم تجب فأخرجتهاتفي واتصلت بها منه وما أن انفتح الخط حتى قلت" ألم أقل لا تتصلي حتى أتصل بك أنا "قالت من فورها " وما يدريني أن الهاتف ليس لديك لمتخبرني سابقا بهذا "تنهدت بضيق وقلت " ماذا قلتِ لها "قالت من فورها " لا شيء سألت أين صاحب الهاتف ومنتكون هي ولم تتركني أقول شيئا وأغلقت الخط في وجهي "مررت أصابعي في شعري وزفرت بضيق , لهذا إذا كادت تقتلنفسها من كثرة ما بكت , قالت في الطرف الآخر " اتصلت بيبعدها بساعة ولم أجب عليها , تصرف أنت في الأمر يا آسروأفهمها على مهل "قلت ببرود " حسنا حسنا فلا تتصلي حتى أتصل بك أنا "ثم أنهيت المكالمة معها وهززت رأسي , هذا من مكالمة فقط ماذاإن أحضرتها لها هنا ماذا كانت ستفعل بنفسها , خرجت من الغرفةوتوجهت لغرفتها طرقت الباب كثيرا وبلا فائدة فأدرت المقبض وكانمفتوحا ففتحته ودخلت فكانت تجلس على الأريكة يد تمسح خديهابعنف والأخرى تمسك بها طرف قميصها الشتوي بقوة وتشهق بعبرةكنت سأضعف وأتوجه نحوها وأضمها في حضني لكني تمالكتنفسي وتماسكت وقلت " لما لا تقولي ما يبكيك "لم تجب طبعا فارتسمت ابتسامة على شفتاي وقلت بتلاعب" من يراك يضن أن زوجها تزوج عليها "أولتني ظهرها فورا ولم تعلق فأمسكت ابتسامتي وقلت " خذيهاتفك إذا لتكلمك زوجة أواس فقد تحدثت معه في الأمر "خرجت حينها من صمتها وقالت بضيق " لا أريده قلت لا أريدفخذه من وجهي أو قسما حطمته لقطع "ابتسمت واتكأت على إطار الباب برأسي أنظر لها وقلت بتلاعب" غدا أيضا لدي عمل ولن آتي وستضيع منك الفرصة "قالت حينها بسخرية وقد عادت لمسح دموعها " أجل صدقتكلما لا تبقى فيه أسبوعا "ضحكت بصمت وقلت " فكرة جيدة , سأفكر بها "أغلقت حينها أذنيها وقالت ببكاء " فارقني يا آسر لا أريدسماع صوتك هل تفهم "توجهت نحوها وأمسكت رسغيها وأبعدت يداها عن أذنيها وقلت" حسنا فتوقفي عن البكاء ستمرضين على هذا الحال "ثم قبلت خدها لتنتفض واقفة ولازالت مولية ظهرها لي فقلتمغادرا " كلها قبلة صغيرة لما كل هذا الجزع ؟ "ثم خرجت وتركتها , ستهدأ فيما بعد ونتحدث في الأمر فالآن لايمكن التفاهم معها , جلست على الطاولة واتصلت بأواس وأخبرتهأنها ستتحدث معها في الغد بعد عودتي ثم تناولت غدائي وغادرتالمنزل لقسم الشرطة***********************************************************أشرت لها على الدلو والهاتف على أذني فرفعته وخرجت بهوقلت لمن فتح الخط في الطرف الآخر " هل أخبرتهمبموعد رحلتها لأخذها "قال ضاحكا " مهلك علينا لا تقفز لنا من الشرفة وتختطفها "خرجت خارج المخزن وقلت بضيق " لا مزاج لي لدعاباتكفأخبرهم أني حجزت لها وسأكون هناك نهاية الأسبوعلأخذها فلتجهز نفسها "قال من فوره " لا تتزوج شقيقتي بلا حفل زواج أو غيرنا رأينا "قلت بسخرية " من يسمعك يضنني أتزوج للمرة الأولىهيا وداعا هناك مكالمة دخلت أهم من ثرثرتك "قال ضاحكا " وداعا إذا "فصلت الخط عليه وأعدت الهاتف لأذني قائلا" مرحبا أمين هل وصلت "قال من فوره " نعم ونزلت من السيارة حالاوجلبتهم معي , أين أجدك "نظرت لسدين التي خرجت مبتعدة تحمل الدلو تسير به ببطءوقلت بمكر " أدخل وسيدلك أول من تصادفه من العمال "قال من فوره " حسنا "وأنهى المكالمة فأعدت هاتفي لجيبي وغادرت قائلا بضحكة" لقاء بلا مقدمات ويا محاسن الصدف "**************************************************وصلت قرب باب المنزل فوضعت الدلو أرضا ونظرت لساقايالمتسخة , ما هذه الحالة المزرية ؟ علمت الآن لما صرف إياسأغلب العمال هنا .. ليستعين بنا بدلا عنهم طبعا , مسحت وجهيبظهر كفي لأكتشف أني لطخته بالطين أيضا فقلت بتذمر " الحقعلى الزوج الذي تركني لكم عامل مزرعة ولم يأخذني من هنا "" عذرا أين أجد إياس هنا "قفزت ملتفتة بشهقة لأقف متسمرة أنظر للشاب الطويل الواقف أماميبملامح دقيقة تنفع لفتاة فم صغير وأنف مستقيم وصغير عينان عسليتانوثياب مرتبة بل وأنيقة ورائحة عطره انتشرت في المكان وكأننا فيالداخل وليس في الهواء الطلق , حتى شعره وكأنه سرحه عند مصففشعر , تراجعت خطوتين للخلف بصدمة أريد أن أقول أي شيء وضاعتالحروف مني وتيبست قدماي حتى عن الهروب فاقترب الخطوتين التيابتعدتهما وقال بذات جموده " أنا أمين أين أجد شقيقك هنا "فتحت فمي حينها مصدومة ثم نظرت للأسفل أعض شفتي بإحراجوأشتم نفسي لتقع عيناي على بنطلوني المرفوع والملطخ بالوحلوقميصي المربوط , يا إلهي ما هذا المنظر المخزي أبدوا أمامهوكأني شحاذة , رفعت رأسي ونظري قليلا لكن ليس لوجهه وقلتوأنا ألعب بطرف القميص بين أصابعي المتسخة " عند مخزنالمعدات , تابع سيرك شمالا وستصل "مد حينها يده لوجهي فأغمضت عيناي بقوة لأشعر بطرف شعرييتحرك للأمام ففتحتهما ونظرت جانبا فظهرت لي أصابعه تُخرجقشة طويلة من شعري فكدت أبكي من الإحراج ثم رماها بعيداقائلا " وهل تتحركين أمام العمال هكذا ؟ "هززت رأسي بلا فورا وقلت بتوتر " لا ... هم ... أعني لايأتون هنا أبدا "هز حينها رأسه بحسنا وغادر فوضعت يدي على جبيني أتحسسحرارتي ثم هففت بيدي على وجهي وقلت " ما أروعه يا بشر ماكل هذا الثقل واللامبالاة "***********************************************نظرت لهاتفي مجددا ثم قفزت من على الطاولة وتوجهت للنافذةووقفت أمامها فقال الذي كان يدفن وجهه في دفتر المحاضر أمامه" تعالى آسر أنظر لهذه لقد تعبت منها ولم أستطع فهمها "فتحت النافذة ليلفح وجهي الهواء البارد ثم سرعان ما أغلقتها وقلت" أتركني وشأني يا محمود , أواس أمامك في المكتب الآخر "قال بعد ضحكة صغيرة " كل هذا توتر بسبب جلسة المحكمة ؟؟لما لم تَحظرها معهم لترتاح "نظرت لهاتفي مجددا ثم دسسته في جيبي وقلت " لا يمكنني تركعملي فأنت تعرف أن الجلسة تأخذ ساعات ثم أنا هنا بحال أفضللا أريد أن أصرخ وأدمر كل شيء إن كان حكمهم جائرا "عاد لتقليب الأوراق قائلا " أنت تعلم أن القضاء تحسن كثيرا ولنيحكموا لك إلا بالعدل فتوقف عن الدوران لقد أصبتني بالحوَل "تركت النافذة وعدت جهة الطاولة وجلست أمامه ونظرت لساعتي وقلت" ساعتان ونصف ولم يتصل المحامي أخاف أن في الأمر ما يخيبالآمال لذلك لم يتصل بي ولا أستطيع الاتصال به فقد يكونلازال في الداخل "وضع القلم وقال " أنت تعلم أن جلسات المحاكم تأخذ هذا الوقتوأكثر فاصبر يا رجل مـ... "ليقاطع كلامه رنين الهاتف فأخرجته من جيبي فورا وأجبتقائلا " ها بشر يا جـ... "وما أنهيت جملتي حتى قال ضاحكا " مبارك لك يا آسر "قفزت حينها واقفا وقلت بصراخ " رائع جميل وأخير بشركالله يا جواد بشرك الله بكل الخير "قال من فوره " انتظر لتسمع باقي الحدث "توجهت للنافذة مجددا والتصقت بأنفي بها أستمع له وهوا يقول" بما أن المال لوالدتك وهوا من استثمره وله وريثة وهي ابنةشقيقه فالحكم كان لكما بالنصف في كل شيء ومشروط أيضا "قلت من فوري " لا بأس ولكن بما اشترط "قال بهدوء " لا يبيع أحدكما إلا للآخر وعلينا غدا أن نبدأ في إجراءاتحصر الإرث وسأبدأ من اليوم في الأمور التي لا تحتاج وجدكما "مسحت بأصابعي طرف شفتاي وقلت " هل يلزم فعلا حضورها الآن "قال من فوره " إلا إن حصلت منها على ورقة توكيل فكما تعلم خرجالأمر عن سيطرتنا بحكم المحكمة ولم تعد وليها بحكم الزوج كما فيالإجراءات السابقة وعليها الحضور أو أن تجلب توقيعها على الورقة "قلت بصوت منخفض " جهز لي الورقة وسأقوم بكل شيء "قال بريبة " آسر أنت جربت الظلم وأكل الحق ولا أعتقد أنكستفعلها مع زوجتك فهذا حقها "قلت بجدية " أبدا تنقطع يدي ولا أفعلها وسأوقع لك على ورقةتسقط وكالتي على مالها بعد أقل من شهر ولن أقرب منه شيئافقط هناك أمر خاص أريد التأكد منه أولا ثم سأعطيها حقها "**************************************************بقيت أغلب الصباح أتجول في الطابق السفلي وأفكر في حل آخرلجلبه للمصيدة فيبدوا أن تلك الحشرة سلبت عقله وسحبته لها , أواسيضحك وبصوت مرتفع !!! عشت معه لعامين كاملين وحتى قبل أنيتحول لوحش معي لم أسمع ضحكته العالية وحتى الابتسامة كنتأتسولها منه تسولا ولا شيء لديه سوا البرود والتعجرف والصمتوالغضب ألا مبرر وألا محدود , لا ويحملها للأعلى فما الذي أنزلها ؟قلبَتْ حالك يا أواس توقعتك ستزمجر غاضبا وستنزل فورا وتغادرالمنزل فأذكر سابقا فعلت مثل هذه الحركة وتمنعت عنه بشقاوة ونزلتواختبأت منه وكانت النتيجة أن ثارت براكينه ونام غاضبا أما الآن فأراهلم ينزل إلا بعد الأذان بوقت مسرعا ليلحق الصلاة , آآآخ يا غيظي منهعشت معه في نكد وبرود وتجاهل والآن جاءت هذه لتقلب حاله في أشهرفقط , تحركت جهة الممر الآخر عندما فقدت الأمل في نزولها وذاك غادرلعمله بالتأكيد والأرجح لن نراه طوال اليوم لأنه حتى وجبة الغداء لا يتناولهاهنا أغلب الأوقات حتى في أيام عمله , توجهت لغرفة عمته وطرقت البابودخلت فعليا التغيير من مخططاتي , ما أن رفعت رأسها ورأتني حتىقالت مبتسمة " مرحبا يا وجد ظننتك غاضبة مني ولن تأتي "لو كان كذلك لجئتِ بحثا عني يا كاذبة , اقتربت منها وجلست أمامهاوقلت مبتسمة " عندما أخبرتني الخادمة بالأمس كنت على وشكالنوم ثم نسيت وعندما تذكرت الآن أتيت "قالت بذات ابتسامتها " لا بأس يا ابنتي فأنا لم أعد أراك ولاحتى على طاولة الطعام "وضعت ساق على الأخرى وقلت " لم أكن أريد إزعاج فخامتهافيبدوا أنها لا تطيقني وتكره اقتراب أواس مني "نظرت لي بصدمة بادئ الأمر ثم قالت " لا دُرر ليست هكذا أبداأنتي فقط لم تعرفيها جيدا "حقيرة مثلها كما أعرفك , قلت بابتسامة أوسع " معك ممكن أماأنا فلا تنسي أني أشاركها ذات الزوج "تنهدت وقالت " لكنك زوجته قبلها يا وجد "حركت كتفي بلامبالاة قلت " لو رأيتها كيف غضبت منه فقطلأني اقتربت منه بالأمس لما كان هذا كلامك "نظرت لي بعدم استيعاب فقلت " أنتي عمته ومؤكد يحبك ويحترمكأواس ظلمني كثيرا وشك بي وأنا بريئة وحاولت التحدث معهوإصلاح ما بيننا ومسامحته على قسوته معي لكنه يرفضنيفتحدثي معه فأنا أريد فعلا أن ترجع حياتنا كالسابق "قالت بحزن " وأنا أريد ذلك أكثر منك لكنك تعرفين أواس جيدا لاأحد يتحكم في أفكاره وقراراته ومفتاح كل ما تريدين لديك وهوازوجك ولا توجد أنثى لا تملك أسلحة تكسب بها الرجل "لويت شفتاي وقلت " أجل أعلم لكن تلك لا تترك لي مجالا وكأنيلست زوجته مثلها ولي فيه حق مثلها وأكثر "هزت رأسها بقلة حيلة ولاذت بالصمت فوقفت وقلت " ظننت بأنكستساعدينني لكن يبدوا أنك كابن شقيقك سحرتكم تلك الدُرر بألاعيبها "ثم غادرت متجاهلة ندائها المتكرر لي وخرجت وأغلقت الباب , حمقاءولا فائدة ترجى منك , ومن غبائي ظننت أني سأجد بها منفعة ونسيتأني لم أجدها حتى وقت كانت ابنتها تلك تتحرش بزوجي علنا في السابق*********************************************************قالت بتألم " آي نعم هنا دلكيه جيدا يا ترجمان "تأففت وقلت وأنا أعيد لها ياقة قميصها " تعبت يداي , ثم أنالست أقل تعبا منك لقد تحطم ظهري اليوم مثلك "أغلقت زر بيجامتها وقابلتني قائلة " على إياس أن يجد حلاغيرنا فنحن لن نتحمل هذه الأعمال "أغلقت علبة كريم تدليك المفاصل وقلت " لا أعلم كيف يصرفأغلب العمال ويجعلنا ننظف جميع الحظائر تلك ؟؟ شقيقكهذا لا عقل لديه بالتأكيد "قالت وهي تحرك رأسها وكتفها " قال إن تركهم أو جلب منيقوم بكل هذا العمل فلن تكفي الأموال لباقي مخططاته للمزرعةوالخيول وهوا قسّم العمل لأيام كي لا يتعبنا لكننا من غبائنا أردناإنجاز أغلبه في يوم واحد وها هي جاءت النتيجة "رفعت خصلتي بطرف أصبعي لأدسها خلف أذني وقلت" جربي نصيحتك الرائعة إذاً "رمت يدها في وجهي بلامبالاة ثم قالت " لا تصدقي منرأيت اليوم "نظرت لها ببرود وقلت " من غير الخيول والوحل "ضحكت وقالت " الشجر والشمس أيضا "ثم ماتت ضحكتها وقالت " ترجمان هل أخبرتك أن حالكلم يعجبني اليوم ونحن في الخارج "هززت رأسي بلا وقلت " لم تخبريني ولا أريد أن أعلم ولا أجيب "تنهدت وقالت " لو أستطيع الدخول لرأسك يا ترجمان "تجاهلتها ولم أعلق , هل كنت مسخرة وملاحظة لهذا الحد ؟؟ لا أنكرأني تضايقت من تجاهله لي اليوم تحديدا ونحن نعمل في الإسطبلاترغم أنها عادته من مدة لكن منظره اليوم وثيابه المتسخة وعمله الجادوبنشاط وهمة جعلاني تأملته للحظة فأمسك بي حينها ونظر لي ببرودأحرق أعصابي وعكر مزاجي لباقي اليوم , هه مغرور وصدّق نفسهحقا , أيقضني من شرودي يداها التي صفقت أمام وجهي وقالت" أين وصلتِ سيدة ترجمان "دفعت يداها من أمام وجهي وقلت " وهل تدعي أحدا يسافر لمكان "انفتح باب الغرفة حينها دون أن يطرق أحد ودخل منه إياس فنظرتله باستغراب والتفتت سدين لترى من الداخل , غريب ما هذه الزيارةلغرفتي الليلة فهوا لم يفعلها سابقا قط أم أنه يريد سدين !؟؟ لكن إنأرادها فعلا فلما لم يناديها من الخارج كعادته ؟ اقترب منا وقال ناظرالها " سمعت أن ظهرك يؤلمك وكتفك وعنقك , ألا تؤلمك كليتكواللوزتين أيضا "قالت ببرود " نعم اسخر مني , ليس لأنك رجل وتتحمل تظننانحن النساء مثلك وإن حدث لي شيء ستتحمل النتائج وأخبرصديقك حينها أنك سبب إعاقتي "ابتسم بسخرية وقال " ابشّرك إذا أنه قال لي اليوم بأنهسيشتري مزرعة ويضعك فيها "شهقت سدين حينها وتابع هوا بمكر " ما الذي قلتيه لهاليوم قرر هذا القرار "فشهقت مجددا وقالت " من قال لك أنه رآني ؟ وما هذهالمزرعة التي سيضعني فيها "قال بابتسامة ساخرة " يبدوا يريدك امرأة حقول وسيعيد صياغتكمجددا أو أن مظهرك المزري اليوم أعجبه "وضعت يديها وسط جسدها وقالت " لا عند هنا ويكفي , أقسمإن فعل ذلك فلن أغادر معه من هنا , هل هي فوضى "دفع جبينها بإصبعه وقال " الفوضى أن تبقي هنا وقتيريد أخذك ولن أقبل بها طبعا "ثم نظر لي فأبعدت نظري عنه على صوته قائلا " هيا رافقتكالسلامة أريد أن أتحدث مع ابنة خالك "خرجت حينها سدين تتمتم بغيظ من زوجها ذاك وأغلقت البابخلفها فرفعت نظري له أنتظر الجواهر التي سيتحفني بها فشغلنظره بأظافر يده وقال " هناك أمر لم أكن أريد أن تعلميه من الناسأو أن تعتقدي أني أتعمد فعلها حين تريه بنفسك "بقيت أنظر له بجمود ولم أحاول تفسير شيء فوضع يده فيجيبه ونظر لي وقال بجمود أكبر " أنا تزوجت وسأحضرهاهنا نهاية الأسبوع على الأرجح "حاولت جهدي أن لا أبدي ملامح الصدمة رغم أني شعرت فعلا وكأنثمة من دفعني بقوة وضربني في الجدار خلفي لكن لن أعطيه مناه لنأصرخ وأعترض وأزمجر فيه غضبا لن أحطم كل شيء وأرميه بكلما تصله يدي والأكثر لن أبكي ولا يتوقعها مني , حركت كتفي بلامبالاةعلى نظره الجامد الثابت على عيناي وقلت " أنت حر وهذا يخصكولا تنسى باقي اتفاقنا "أمل ابتسامته وقال " ولا تنسي أنه لن يوافق عليه أحد ولا طلاقيلوح في الأفق فجِدي حلا لعمتك وعمك ولا مانع لدي "أمسكت علبة الكريم بطرف أصابعي الملطخة بها ووضعتهاعلى الطاولة بجانب السرير ثم غادرته وقلت متوجهة جهةالحمام " لا فرق عندي في شيء "ثم دخلت وأغلقت بابه خلفي وتوجهت للمغسلة وبدأت بغسل يدايبقوة كادت تتمزق معها بشرتهما , تتزوج يا إياس هل هذا كانمخططك إذاً ؟ بل هذا ما كنتم تتكتمون عنه طوال المدة الماضيةوأنا كالبلهاء بينكم , توجهت للمنشفة ونشفت يدي بقوة متمتمة" لا يعنيك يا ترجمان وللجحيم هوا وهم جميعهم "ثم خرجت للغرفة الخالية منه وبابها مغلق فرفعت الوسادةورميتها على الباب بقوة وغيظ وألحقت بها بالأخرى*******************************************وقت الغذاء اعتصمت في غرفتي وسريري كي لا أراه فقد يأتيفهوا يوم عمله يتناوله هنا أغلب الأحيان ولا يمكنني النظر له ولاوضع عيني في عينه بعد ما حدث فجرا , والأسوأ من كل ذلك أنيتجاوبت معه للنهاية ولأول مرة أفعلها ورغم عبارات الرضا التيكانت تصدر منه إلا أني أشعر بالخجل وأني ارتكبت جرما لا يجوزلا أعلم ما أصابني وكأنه ليس من صرخ بي وطردني من غرفتهوقال أني مجرد غرض لوقت معين , شعرت بمقبض الباب يدورفأغمضت عيناني بقوة مولية ظهري له , يا إلهي هذا ما لم أحسبحسابه أن يصعد هنا فهوا لا يفعلها سابقا بل يتناول طعامه ويغادرلعمله فورا , شعرت بثقله على السرير بجانبي فعضضت شفتي بقوةوحاولت تنظيم تنفسي كي لا يكتشف أني مستيقظة , مرر يده علىخصري ثم قبّل خدي ليرسل قلبي للجنون بنبضاته وهمس بعدهافي أذني " هل أخبرك أحدهم قبلي أنك لا تجيدين التمثيل "تمسكت باللحاف حينها وغطيت به وجهي لتنطلق منه ضحكة صغيرةفها هي المعجزات تتالى وبدأ يطربني بسماع ضحكاته , ابتعد عنيووضع شيئا على الطاولة وقال " هذا هاتفك الجديد وإياك يا دُره ثمإياك من أن تحدثي به غير صديقتاك أو أن تلمسه يد وجد إنبرضاك أو رغما عنك "نظرت للفراغ مصدومة من جلبه هاتفي ومن تحذيراته بخصوصزوجته لكني لم أستطع الكلام ولا تحرك , غادر بعدها السريرقائلا " لا أعود فجرا وأجدك هاربة مني أيضا أودُره الباردة القديمة قد عادت "ثم غادر الغرفة مغلقا الباب خلفه فرميت اللحاف عني وجلستوتمددت على بطني مادة يدي لطرف الطاولة في الجهة الأخرىوسحبت الهاتف الجميل الحديث الموضوع فوقها ثم جلست وأمسكتهأنظر له بانبهار , هذا الهاتف لم أحلم حياتي أن امسك مثله ولم أرىأشباهه إلا عند الثريات من النساء , لا أصدق أنه فك الحصار عنيأخيرا ولو جزئيا , انفتح الباب حينها فصرخت ورميته وسحبتاللحاف وغطيت به وجهي على صوت ضحكته الصغيرة داخلاسحب مفاتيحه من على طاولة التزيين وخرج دون أن يعلق********************************************************ما أن كان أول المساء حتى غادرت القسم وذهبت للمنزل كي أعودهناك سريعا ولأني سأتأخر غدا في المحكمة فلن أتمكن من محادثتهافجرا وقت عودتي فعليا الخروج للمحامي بسرعة ثم الذهاب معه هناكوسنقضي أغلب النهار في إجراءات حصر الإرث لأني أريد إنهائهابأسرع وقت وتركت كل شيء مفاجأة لعائلة عمي صابر ولم أخبرهمحتى الآن بالمستجدات ولا حتى بوقت الحكم حتى آخذهم للمنزل دونعلمهم , وسراب أيضا أريد التحقق من أمر واحد وهوا تغيرها حقا منأجلي أم قشور ستتطاير ما أن تعلم أني حصلت على المال وسأحرمهاونفسي منه وبعدها سأعطيها نصيبها وفي كلا الحالتين لكن تصرفهاسيحسم أمرا واحدا وهي حياتنا معا إما سنعيشها كزوجين وفي أملاكناالجديدة أو سيذهب كل في حال سبيله , وصلت المنزل وأشعر بحماسغير طبيعي لم أحاول تفسيره لأني أعرف ما ستكون النتيجة ( بدأتترضى عنها يا آسر وتشتاق لها أيضا وويحك إن كنت غرقت في حبها )دخلت وتوجهت فورا لغرفتها بما أنه لا صوت لها في الحمام ولا المطبخفتحت باب الغرفة ببطء ودخلت فكانت محتضنة بطانيتها وجالسة أمامالمدفئة رأسها مائل جانبا وقد غلبها النعاس , كم تتأثر بالبرد هذه المرأةوظلم حقيقي أن يتربى الإنسان مع أناس لا يشعرون به ولا مشاعر لديهمما أن أحصل على نصيبي من المال سآخذها للعلاج ومن حصتي فقطاقتربت منها تقودني فكرة مجنونة لكنها دمرتها بأن فتحت عينيها ما أناقتربت ورفعت رأسها تنظر لي ثم سرعان ما أبعدت نظرها عني للمدفئةأمامها ولازالت ملامحها غاضبة ومستاءة , جلست على الأريكة التيتتكئ عليها بظهرها بحيث أصبحت ساقاي ملتصقتان بجسدها ومددتيداي للمدفئة أمامها واحدة ممدودة جانب وجهها والأخرى مررتها منالجهة الأخرى لوجهها وسندتها بكتفها بحيث أصبح رأسها بين ذراعايوقلت قبل أن تحاول التحرك والابتعاد" ألن تغيري رأيك وتكلميصديقتك "لم تجب وكانت تحاول الوقوف وإبعاد ذراعي عن كتفها فطوقتهابهمها وشددتها لصدري وهمست " لا تتحركي "شعرت بارتجاف جسدها بين ذراعاي لتجتمع كل طاقة جسدي في نقطةواحدة وكأن ثمة مغناطيس يجدب شفتاي لخدها بجنون لكني تمالكت نفسيلأني أعلم أين سينتهي ذلك وسيتبع الخد العنق فالشفتين وهذا ليس وقتهحتى أكمل باقي مخططي وأتأكد أولا من صدق مشاعرها , الغريب أنهالم تعد تمانع وتقاوم وكأن قواها خارت تماما وبدلا من أن أبعد ذراعايعنها وجدت نفسي أزيد من شدها لصدري أكثر وأنفاسي القوية تحركشعرها ووقع المحظور واستسلمت لجذب خدها المحمر من حرارة نارالمدفئة وما كانت شفتاي لامسته حتى رن هاتفها في جيبي فانتفضتْورمت يداي بعيدا وجلست مبتعدة تنظر لي بعينان مشتعلتان احمرارالا أعلم من الغضب أم حبس الدموع , أخرجت الهاتف ونظرت لهفكانت زوجة إياس , لابد وأنه أخبرها بزواجه وإن أخبرت سرابالآن فستزداد أمورنا سوءا , أعدت الهاتف لجيبي فقالت" أجب عليها لماذا أعدته ؟؟ "ابتسمت بمكر وقلت " هاتفك وليس هاتفي فلما أجيب "قالت ساخرة وحدقتيها امتلأتا بالدموع " والمتصلةتخصك ولا تخصني "مددت يدي لجيبي وأخرجت هاتفها مجددا وقلت ونظري عليهألعب به في الهواء " إذاً ثمة من تحدث معك به ويخصني أنا "قالت حينها دون مقدمات " تزوجت يا آسر ؟؟ "رفعت نظري لها فكانت الدمعة الأولى قد سقطت تتدحرج على خدهافانهارت مخططاتي حينها ولن أضغط عليها أكثر كي لا نكون فيالمستشفى الليلة , نزلت على الأرض مثلها ومددت يدي لها وقلت" تعالي أخبرك شيئا "هزت رأسها بلا وزحفت مبتعدة وقد ازدادت دموعها في التناثر علىخديها وقالت بعبرة " لا تكذب عليا يا آسر , ليتك قتلتني وما فعلتها "كنت سأتحدث لكنها لم تعطني المجال فقد دفنت وجهها في كفيها وبدأتبالبكاء والنحيب فوقفت وتوجهت نحوها وجلست عندها وشددتها لحظنيوقلت ضاما لها بذاعاي بقوة " توقفي عن البكاء يا حمقاء فأنا لم أتزوج "قالت بنحيب " كاذب سمعتها بأذني وسألت عنك وقت الفجر فمن تكون "قبلت رأسها وقلت مبتسما " قسما لم أتزوج عليك يا سراب فتوقفيعن النحيب لتفهمي مني "تمسكت بسترة بذلتي بقوة ولم يتوقف شيء من بكائها فمسحتعلى شعرها أضم رأسها لصدري أكثر وقلت " ليست زوجتييا غبية هذه والدتك يعني خالتي "من سراب ل آسر🌹 يا كثر ماشلت في قلبي عليك🌹🌹وياكثر ماقلت ما سامح خطاك🌹🌹من اشوفك ترجف ضلعوي تبيك🌹🌹واثر هذا كل من حره هواك🌹قوتي ضعفي وضعفي اني ابيك🌹🌹وانت عارف اني مااعشق سواك🌹🌹ابتليت بحب جعله يبتليك🌹🌹وياعساك تذوق حراتي معاك🌹🌹حسبي الله علي الهوي وحسبي عليك🌹🌹الله ياخذني والا الله خذاك🌹*************************************************نظرت لي بصدمة لوقت ثم قالت ببحة " والدتي !!! "هززت رأسي بنعم دون كلام فهزت رأسها غير مستوعبة ثم مسحتعيناها وأنفها بطرف كمها وأشارت لنفسها وقالت " أمي أنا ؟ والدةلسراب هذه "ابتسمت بحزن ومددت يدي لخدها ومسحت بقايا دمعتها وقلت" نعم والدة سراب "جمعت خصلات شعرها خلف أذنيها وزحفت ناحيتي قليلا وأمسكتيدي وقالت " لست تكذب عليا آسر أليس كذلك ؟ "هززت رأسي بلا مبتسما فقفزت حاضنة لي تبكي حتى كادتتوقعني للخلف وتعلقت بعنقي فمسحت على ظهرها وقلت" هذه السعادة من أجل والدتك أم من أجل أني لست متزوجا "لم تجب طبعا بل ازدادت تمسكا بعنقي تدفن وجهها فيه وتبكيبشدة فأبعدتها عني وحضنت وجهها بكفاي وقلت " يكفي بكاءألم تجفي بعد ؟ ستمرضين ولا نقود عندي لعلاجك "أمسكت يدي مجددا وقالت " أريد أن أراها آسر خذني لها أرجوك "نظرت حينها للأسفل وقد ماتت ابتسامتي ووصلني صوتها حائرة" ماذا هناك هل هي مريضة أم مسافرة ؟؟ ألا يمكنني رؤيتها "رفعت نظري لها ومددت يدي لذراعها وسحبتها لتتكئ على صدريونظرت للفراغ وقلت بشرود " لا هذه ولا تلك "وتنهدتُ بعدها فعليا المتابعة وعليها أن تعلم بذلك وكل ما أخشاه نتائجما سأقول , تابعت وأصابعي تمسح على نعومة شعرها " بعد وفاةوالدك تزوجت خالتي من رجل مسئول كبير في الدولة ورفض أنتبحث عنك وأن تعيدك إن وجدتك وبعد أن شِيع خبر ظهوركن منجديد قال أنه لا يقبل أن تكون لها أي علاقة بك وقال أنه لا يعلم منأي نوع أنتي وتعلمين وجهة نظر هؤلاء المسئولين الأثرياء ياسراب وكيف ينظرون للأقل منهم فأهم ما لديهم مظهرهمالاجتماعي "ابتعدت حينها عن حضني ونظرت لعيناي وقالت بصدمة" لكني لست فاجرة ولا مجرمة لما يخجل مني ! وأكبر دليلأني متزوجة ومِن ضابط شرطة أيضا "تنهدت وقلت " لم يقتنع وهي تريد رؤيتك دون علمه "نزلت دمعتها تسابق الأخرى وقالت بصدمة " رؤيتي في السر !!هل باعتني به ؟ "لم أعرف ما أقول وما أجيب فسألت من فورها " هل لديأخوة ؟ هل لها أبناء منه "هززت رأسي بلا فقالت بعبرة " إذا لما تتمسك به أم كل مايعنيها مظهرها الاجتماعي أيضا "كنت سأتحدث لكنها سبقتني قائلة " هل عرضت عليهاالعيش معنا هنا ؟ قل الحقيقة آسر "صُدمت بادئ الأمر لتوقعها ذلك لكني لم أستغرب أن تفكر فيه فأنابالفعل أخبرتها أنها إن أرادت ابنتها فمنزلي مفتوح لها ولم أخبرهابثروتي وثروة ابنتها لكنها رفضت , نظرت للأسفل ولم أتحدث فبدأتبضرب فخذيها بقبضتيها بقوة وقالت ببكاء " باعتني من أجل المالباعت ابنتها الوحيدة من أجل ذاك , من أجل كيس النقوداختارته عليا أنا "مددت يدي لها قائلا " سراب عليك أن تسمعي منها أن تعلميأسبابها فقد يكون كل هذا من أجلك "رمت يدي عنها وقالت بصراخ باكي " لا أريد سماع صوتهاولا رؤيتها لا أريدها , ابتعد عني "وقفت حينها فعليا تركها وحدها ستهدأ وتفكر بروية وما ستقرره سيكونولن أجبرها على شيء فخالتي كانت مخطئة منذ وافقت عليه وشرطهكان من قبل زواجه بها أنه لن يعترف بابنتها في حال ظهورها وأنتنساها للأبد , ومالا تعلميه يا سراب أن جميع أموال والدك سلمتهاوالدتك لذاك المغرور فلو فكرتِ للحظة لاستغربتِ كيف لمدعي عامفي محكمة العاصمة أن يموت ولا يترك شيئا ولا حتى منزل ترثيهمنه , خرجت من الغرفة وتركتها في بكائها المستمر تاركا قلبي معهالا يمكنني التغيب أكثر عن قسم الشرطة وما كنت أريد إخبارها الليلةلكنها اضطرتني لذلك كي لا تمضي الليل تبكي من فكرة زواجي وهاهي ستمضيه في دموع أشد وحزن أكبر , عليك أن تكوني قوية ياسراب عليك أن تتخطي هذه الصدمة ولوحدك ولتعلمي أن حب المالأمر سيء وقاتل ولهذا لم أكن أريد إخبارك عنها عندما سألتني تلكالليلة لكنها تصر الآن على رؤيتك وكانت ستأتي من نفسها لذلكأخبرتها أنه علينا تمهيد الأمر لك أولا*****************************************************بعدما صليت الفجر وأنهيت قراءة أذكاري وقفت أفكر بحيرة أمامالخزانة المفتوحة لأقرر ما سأرتدي وعيناي على قمصان النوملكننا وقت الفجر الآن فما قميص النوم في الصباح !! لكنه يُعتبر ليلابالنسبة له وسيأتي لينام , آخ منك يا أواس كنت دائما تأتي هذا الوقتلا ترى شيئا أمامك بسبب التعب والسهر وتنام فورا فما جد عليك اليومأنا الحمقاء هل كان عليا فعل ذلك بالأمس , مررت أصابعي في شعريورفعته للأعلى وتأففت , لما لم أستطع تمالك نفسي ؟ ما هذا الذي فعلهبي أم كله من تأثيرا زوجته على أفكاري , أخرجت أحد قمصان النومأقطع بذلك جميع هذه الأفكار ولبسته , كان قصيرا لنصف الفخذ وباللونالنيلي , قصير جدا لكنه أفضل من طويل وأعلاه كله دانتيل مخرم أوشيفون فهذا من الحرير , توجهت بعدها جهة المرآة وكنت سأضع أحمرشفاه فغيرت رأيي حين تذكرت تلك المرة جعلني أمسحه فما نفعه الآنتحركت بعدها في الغرفة أفكر أين سأستقر بهذا المظهر أدخل السريروأغطي نفسي ؟ حركة سخيفة جدا , أجلس وأغطي ساقاي ؟ أيضا حركةمزرية فكيف أستقبله هكذا , تأففتوأمسكت رأسي بيدي أتنهد بأسى لحظة انفتح باب الغرفة ودخل ليجدنيواقفة مكاني لا جالسة ولا نائمة ولا قررت شيئا , نظرت للأرض منفوري أخفي توتري بدس خصلات شعري خلف أذني فأغلق الباب ووقفعنده ولم يتحرك وخشيت أن أرفع نظري له فأجده ينظر لي بضيق أوغضب , غبية ما فعلته ليغضب ها أنتي طبقت أوامره لك وبحذافيرهارفعت نظري له ببطء فكان مكتفا يداه لصدره وقال ما أن وقع نظريعلى عينيه " اليوم لن أدخل دون دعوى , سأعتبر نفسي ضيفا "شهقت حينها في وجهه بصدمة فرفع يده أمام وجهه وفعل حركةبسبابته وإبهامه ثم قال " لا تذكرين هذه الحركة بالتأكيد "أبعدت نظري عنه حينها فإن كنت لا أذكرها فأنا أعرف معناها وهلقصده بهذا أني كنت أفعلها له في صغري ؟ لا أستغرب ذلك فيبدواأني كنت طفلة وقحة تحتاج من يجلدها لتتأدب , قلت بخجل" أواس توقف عن هذا "قال حينها بصوت مبتسم " متأكد أنك لن ترضي أن أقضي اليومواقفا هنا لأني لن أتحرك من مكاني إلا بدعوة "تراجعت خطوتين أهز رأسي رفضا وقلت " أواس أتركعنك هذا الجنون "هز رأسه بلا مبتسما دون كلام فقلت " ادخل الحمام واستحموسأجهز لك ثيابك , تحرك هيا "بقي مكانه وأعاد الحركة مجددا فرفعت رأسي للأعلى وهززته بلاوقلت بحياء " هذا جنون , لا مستحيل "فقال بعدها بلحظة " هيا دُره فلا صبر لدي عليك أكثر "أخفضت حينها رأسي وغطيته بكفاي وأشعر بإحراج لم أشعر بهحياتي مع لذعة صغيرة لا أعلم سعادة أم رغبة أم تسلي , اتكأ حينهاعلى الباب خلفه مصدرا ثقله عليه صوتا وقال " متعب يا طفلة أواسوأكاد أسقط واقفا فارحميني "أبعدت يداي حينها وتحركت نحوه ورأسي أرضا وكلما اقتربت منهخطوة شعرت بدمائي تتفجر في وجهي حتى وصلت عنده ومهما طالالوقت كنت سأصل , وقفت أمامه وقد سوى وقفته ووضع يديه فيجيوب بنطاله فعضضت شفتي بقوة ثم رفعت يداي وطوقت بهما عنقهورفعت رأسي قليلا بحيث لا تقع عيناي على عينيه وأغمضتهما منفوري وقبلته وهذا المجرم لم يبدي أي مساعدة ولا بأن ضمني بيديهوكأنه يعلم نتيجتهاوقلت" آخر مرة تفعل لي تلك الحركة أو أغضبتك "فخرجت حينها ضحكته الخفيفة وشعرت بها كأنها ذبذبات من ضلوعهالمحتضنة لي وهمس في أذني " لن أفعلها إن تعلمتِ كيف تستقبلينزوجك كلما دخل الغرفة "ابتعدت عنه وقلت بصدمة " كلما ماذا !! "توجه نحوي ورفعني عن الأرض قائلا " لا تناقشي كيلا أقول كلما رأيتِني "************************************************************ما أن دخلت المنزل فجرا حتى وجدتها خارجة من غرفتها وملامحهاأسوء مما كانت عليه وتبدوا لم تنم البارحة , توجهتْ للمطبخ دونأن تنظر لي ووقفت عند الباب تنظر للأرض وقالت" هل أعد لك إفطارك "قلت متوجها للغرفة " لا سأخرج لا وقت لدي "وما أن وضعت يدي على الباب حتى قالت " ماذا هناك ؟؟هل من مكروه حدث لعائلة العم صابر ؟ "دفعته ودخلت قائلا " لا ... لا شيء من ذلك "أخذت ثيابي وخرجت للحمام ولم تكن موجودة , استحممت سريعاوغادرت المنزل من فوري لأن المحامي ينتظرني من أكثر مننصف ساعة , وصلت مكتبه وخرج لي فورا وركب السيارة وقالما أن انطلقنا " هناك من سيساعدنا , سبحان الله كل الأمورتتيسر لك يا آسر "قلت مبتسما " حمدا لله كله من نعمه وفضله "ثم نظرت له وقلت " كم سيستغرق الأمر من وقت "قال من فوره " ليس كثيرا فالأملاك محددة ولا شركاء له وحتىالتجار الذين كان يتعامل معهم انتهت عقودهم من قبل وفاته فهواكان على علم بمرضه والفترة الماضية تجمدت فيها أملاكه ومراقبةجميعها من المحكمة وسنلتقي اليوم بالمحامي المسئول عنها ستعرفما لك وما عليك وبما أن الإرث سيقسم لنصفين دون بيع شيء منهسيكون حصره سهلا وتقسيمه كذلك "هززت رأسي بحسنا مبتسما وقلت " المهم المنزل الآن علينا أنننهي أموره أولا وبما أنه كما في الأوراق بطابقين متشابهان فالسفليلي أريد أن أجهز غرفا فيه وأنقل عائلة عمي صابر له فيأسرع وقت "قال مبتسما " وهذه أول إشارة لعدلك أخذت طابقا وتركتلها واحدا "ثم تابع بضحكة " وأين أنت من كل هذا وهي زوجتك ؟ "ضحكت وقلت " معها إن رضيت عني وفي الأسفل إن طردتني "وضحكنا معا لحظة وصولنا مبنى المحكمة وبدأنا في الإجراءاتالطويلة التي أراها كما قال تتيسر أمامي وكأن الجميع مجهز ليقفمعي ويساعدني وبحكم مهنتي استطعت اختصار الكثير على نفسي*****************************************************ما أن أشرقت شمس صباح الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن مهماحاولت نزلت للأسفل وكانت عمتي وسدين تجلسان في الصالونالموجود وسط الصالة الواسعة التي يدخلها النور من كل جانببسبب النوافذ الضخمة وباب المنزل الواسع المفتوح فهذا أجمل مافي المزارع الخصوصية التامة لا جيران لا منازل بطوابق مرتفعةولا تطفل من أحد , وصلت عندهم وجلست بعدما ألقيت تحية الصباحفقد يكون أخبرهم أني علمت ولن أعطي الفرصة لأحد يشمت بي وإنكانت عائلتهم التي لم أرى منها إلا الحب والمعاملة الطيبة , لكنه قهرمقهورة ولا أعلم لما أشعر بكل هذا وأبحث فقط عمن ألقي باللومعليه في هذه اللعبة التي لعبوها من ورائي وجميعهم يعلمون" ترجمان ما رأيك أنتي في هذا "نظرت لها وقلت " ماذا ؟؟ أعيدي فلم أكن منتبهة معك "قالت مبتسمة " ومن يشغل بالك ها اعترفي "ابتسمت لها ببرود ولم أعلق لأن تعليقي سيجرحها , وقفترغد حينها من بعيد ونادت " سدين تعالي "فوقفت من فورها وغادرت جهتها واختفتا هناك وقالت عمتي" سلسبيل قادمة بعد يومين مع زوجها ووالدته وكنا نتناقش في الأمر "ابتسمت وهززت رأسي دون تعليق فخرج لنا صوت سدين من بعيد" أمي تعالي "فقالت عمتي بصوت مرتفع " ما سيوقفني الآن قولي مالديك من هناك "قلت حينها بسخرية " اذهبي لها فقد يكون مخططا جديدا لاتريدونني فيه "نظرت لي بصدمة وقالت " مخطط ماذا الذي سنخفيه عنك ؟ "وكانت القشة التي قصمت ظهري فقلت بضيق " أنتي أعلم مني ياعمتي وما كان عليكم إخفاء الأمر تندسون وتتهامسون من ورائيفي موضوع أنا الجزء الأساسي فيه "قالت بشبه همس " أخبرك ؟ "قلت ببرود وإن كان بغضب داخلي مشتعل " نعم وهل كنتمتخططون لإخفاء الأمر حتى يحضرها "تلعثمت ولم تعرف ما تقول فوقفت وقلت " على ابنك أن يطلقنيبما أنه وجد بديلا لي فلا داعي لتركي كالمزهرية هنا "كانت ستتحدث لولا أوقفها الصوت الرجولي الحازم من خلفي قائلا" ترجماااان "التفت له وكان يقف خلفي ينظر لي بضيق بمظهره الجديد القميصالمهمل مثني الأكمام لمرفقيه وبنطلون الجينز المتسخ وخصلاتشعره المتناثرة على جبينه وفي يده يحمل حبلا ملفوفا , نظرتله ببرود وقلت " نعم أي أوامر "قال بضيق " لو كان لك كلام كنتِ أتحفتني به ليلة أمس دونهذه المسرحية وأنتي تستفردين بوالدتي "كتفت ذراعاي لصدري وقلت " لم أقل لها شيئا غير الذيقلته لك فذكرني بمخالفاتي "تحولت ملامحه للغضب وكان سيتحدث لولا التي قفزت من خلفيوتوجهت نحوه مسرعة وأمسكت ذراعيه قائلة " حلفتك بالله أنتسكت يا إياس لا داعي لكل هذا "نظر لي حينها وقال " من أجلك فقط يا أمي فلن يهينك أحدوأسكت له والكلام موجه لابنة شقيقك "تحركت حينها وغادرت من أمامهم وصعدت للأعلىوعدت لغرفتي ضاربة بابها خلفي بقوة********************************************************صعدت هي للأعلى وأبعدت والدتي يداها وقالت بعتب" إياس لا يجوز بني هي مجروحة وعلينا أن نتحملها "ابتسمت بسخرية وقلت " لا أعتقد أن ما في خيالك حقيقي "تنهدت وقالت " لا تنسى وعدك لي يا إياس لن تطلقها مهما قالتوطلبت ذلك أو لن أرضى بزوجتك الجديدة تلك في منزليما حييت "قلت بضيق " وما علاقة سهاد بالأمر أنتي ربطتِ رضاك عنزواجي بأن لا أطلق ترجمان وأنا وافقت فأبعدي سهاد عنكل هذا "قالت مغادره على صوت نداء سدين المتكرر لها " لا تنسى تعهداتخالك رفعت أيضا ولا أضنك ترضى أن يغضب منك وينفذ تهديداته "ثم اختفت تتحدث مع سدين وتركتني أتأفف غاضبا , خرجت بعدهاوعدت جهة الإسطبلات وبدأت بربط الدعامة مع العامل الذي كانينتظرني هناك ممسكا لها وكنت أشد الحبل بقوة وغضب وأنا أتذكرنظراتها وكلامها حتى أنها البارحة لم تتأثر وأنا أخبرها وكأن الأمرلا يعنيها أم تفكر أني فعلتها فقط لإغاظتها , ربطته جيدا ثم قفزت منالأعلى وقلت " أكمل أنت الباقي سأذهب لرؤية ذاك التاجر وأعود لك "هز رأسه بحسننا وبدأ بتمرير باقي الحبل في الثقوب وغادرت أنامن هناك للمنزل استحممت وغيرت ثيابي وخرجت من المزرعةلزيارة تاجر الخيول الأشهر هنا فلو قبل عرضي ومساعدتي سينفعنيكثيرا , وصلت المزرعة واستقبلني مدير أعماله وكما حكوا لي عنهمبسطاء جدا عكس حالتهم المادية فقد كان يمسك طفلا ينظف له يديهمن الوحل ويبدوا ابنه لأنه يناديه بابا , وقف على طوله ما أنرآني وقال مبتسما " لابد وأنك السيد إياس تفضل "صافحته قائلا " نعم وأنت السيد وليد بالتأكيد "قال مبتسما " نعم ونواس في انتظارك أعذرني يدي متسخة "ثم التفت وتحدث مع طفلة تقفز بعيدا وقال " تعالي خذيه لوالدته "نظرت لنا وقالت " عمتي مي نائمة وقالت يبقى معك ولا توقظوني "ضحكنا معا وقال " تفضل هيا ولا تنفر من الزواج بسببي "ضحكت وقلت سائرا معه " لدي حصتي وزيادة "وصلنا الإسطبلات وكنت أتوقع أن يستقبلني في مكتبه لكن يبدواأنه كمدير أعماله لا رسميات لديهم , دخلت الإسطبل الذي كانفيه مع فتى يبدوا في العاشرة وغادر مدير أعماله من فورهمددت يدي له وقلت " تشرفت بمعرفتك سيد نواس"صافحني مبتسما وقال " وأنا أيضا سررت بلقائك "تحدثنا لوقت عن خيولي ومشاكلها وإمكانية مساعدته لي موسمالتزاوج وعرض عليا أفكاره وكان أكثر مما تخيلت سمحا وبشوشاومتعاونا جدا وكريما حتى في نصائحه , قال مبتسما " لأنه لاخبرة لديك فستجد الأمر صعبا بادئ الأمر لكن بالعزيمة ستنجحوسأساعدك فخالك العقيد رفعت له جميل كبير في عنقي "هززت رأسي مبتسما ومتفائلا ثم مسحت على رأس الفتى الذيكان ينظر لي مبتسما وقلت " يبدوا ابنك رغم أنه لا يشبهك "قال مبتسما " نعم ولي غيره ثلاثة ولا أحد منهم يشبهني "ضحكنا معا لحظة ما ظهر رأس فتاة صغيرة تبدوا في السادسة نظرتمن باب الإسطبل بعينان سوداء واسعة وشعر حالك السواد مربوطجديلتين وقالت " أحمد ويلك من ماما هي تبحث عنك وغاضبة لأنكلا تدرس وغادرت الغرفة "فركض حينها مسرعا وقال " أذهبي وأخرجي كتابي من المطبخوأعطيه لي من الباب الخارجي بسرعة "فضحكنا كلينا ورفع كتفيه وقال " النساء لا يقتنعن أن ثمةأبناء لا ينفعون للدراسة "*********************************************************طرقت الباب مجددا وقلت " ترجمان افتحي ولومن أجل عمتك "ولا مجيب طبعا فتنهدت والدتي بجانبي وقالت " لنتركهاالآن قد تكون تريد البقاء وحدها "قلت بضيق " لا ليست ترجمان من تستفرد بنفسها وتحزنأنا أعرفها قبلكم وأكثر منك , كله بسبب ابنك وجنونهما الذي ينقصها يفكر هكذا "انفتح الباب حينها وخرجت منه على نظراتنا المترقبة وقالت" ما بكم لم تتركوني في الحمام براحتي ظننت أنمكروها أصاب أحدكم "نظرنا لبعضنا ثم لها وقلت " كنتِ في الحمام !! "نظرت لوالدتي وقالت " آسفة عمتي لم أعني ما قلت "هزت أمي رأسها وقالت " لا عليك بنيتي أنتي من عليناأن نعتذر منك "رفعت كتفيها وقالت " حياته وهوا حر فيها أزعجني فقط أنأخفيتم الأمر عني وكأني سأفسده عليه "قالت أمي من فورها " أبدا يا ترجمان ما هذا التفكير نحن فقطخفنا أن تزداد المشاكل بينكما ولم يكن أحدا راض عن ذلكوحاولنا جهدنا ولم ننجح "كانت ستقول شيئا فسبقتها والدتي قائلة " لا يا ترجمانطلاق لن أطلبه منه ولن أوافق عليه "قالت بضيق " ولما وهوا مستغن عني وسيجلب أخرىما موقعي أنا من كل هذا "قالت من فورها " أنتي زوجته مثلها فلا تسقطي حقك فيهفقد تعيديه تحت جناحك مجددا "حركت يداها في الهواء قائلة بضيق " لا أريده عمتي أفهموها ولاحياة بيننا , لما لا تحرروني منه لأختار بنفسي كما فعل هوا "تحولت لهجة أمي للجدية وقالت " لا ابني ولا أعرفه إن طلقك ولاأنتي ابنة شقيقي ولا أعترف بك وعمك رفعت رأيه من رأيي وسبقوبلغه به ويوم ستخرجين من هنا سيلحقك هوا ولن تعتب قدماه منزلي "نظرنا لها كلينا بصدمة فقالت بجدية أكبر " قسما لن يردعني عنفعلها شيء وقد أخبرته بذلك منذ قرر قراره ذاك وعليه أن يعدلبينكما إلا فيما أسقطته بنفسك "ثم غادرت ودخلت ترجمان الغرفة بخطوات غاضبة فلحقتهاوأغلقت الباب خلفي وقلت " هل ستتنازلين لها عليه يا غبية "التفتت لي وقالت " لا تتحدثي معي , أنتي التي آخر من كنتأتوقع أن تخفي أمرا كهذا عني "وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ترجمان لا تنفثيغضبك واستيائك بي "تحركت جهتي وفتحت الباب وخرجت قائلة " بسرعةننهي باقي أعمالنا بلا كثرة حديث "فهززت رأسي وتبعتها , وكأنها ليست تلك التي قالت بالأمس لنتعمل مجددا ومؤكد تريد إفراغ طاقة غضبها هناك فهي هكذا دائماتفرغ ما تكبته بالمجهود البدني , سارعت الخطى حتى أدركتخطواتها تنزل السلالم وسرت بجانبها قائلة " ترجمان أقسم أنهبمقدورك استعادته منها وبسهولة فقط استخدمي عقل الأنثى "أسرعت أمامي للباب قائلة " مستغنية عنه لتشبع به "فتنهدت وهززت رأسي بيأس ولحقتها*************************************مرت أيام هذا الأسبوع عرفت فيهم أواس جديد كما عرفت فيهم دُررجديدة أيضا , صحيح أنه متغيب جل النهار لكن تعامله معي تغيركثيرا وكأنه ليس ذاك البارد الجليدي الغاضب دائما والمستاء طوالالوقت وبلا سبب , أما حال صديقتكم دُرر فقد تردى للهاوية وقد باتحضنه سكينتي ودفء صوته انتعاش روحي التائهة وقبلاته عنوانيللحياة وأصبح باختصار جزئا مني شيء أستحمل تغيبه طوال النهارلكن لا أستوعب فكرة أن يخلوا يومي منه , أعلم أنه سجاني وجلاديومصيري معه مجهول ومبهم وقصير لكن ما يحدث معي فاق طاقتيولا تحكم لي به , قد يكون لأنه الرجل الوحيد في حياتي وقد يكونلأني وجدت فيه الحضن الذي افتقدته كل عمري وقد وقد وكلها واحدأني تعلقت به حقا وإن كان ذلك بيني وبين نفسي ولم أخبره به فلازالكل واحد منا متحفظا في نظري , تصرفاته تحكي الكثير لكن لسانهلازال يقتصر الحروف والكلمات وعيناه لازالت تخفي من الماضيالكثير , تنهدت بأسى ونظرت له وهوا نائم بجانبي وابتسمت علىشكله المرهق وحاجبيه المعقودان وهوا نائم وفي حركة مجنونةمددت سبابتي وحركتها بين حاجبيه ففتح عينيه فورا فرغم كل تعبهنومه خفيف جدا , أمسك يدي وقبلها ثم انقلب وأولاني ظهرهقائلا ببحة " دُره اتركيني أنام ورائي نهار مرهق "فتركت السرير والغرفة وأغلقت الباب خلفي بهدوء , هوا لايرحم نفسه أبدا رغم عودته فجرا من قسم الشرطة ينام لساعاتمعدودة ثم يغادر لمعرضه ومحلاته ولا يرجع إلا مساء منهكحد الانهيار وصحته آخر ما يفكر فيه , نزلت السلالم وتوجهتلغرفة عمته لأني أعلم أنها لا تنام بعد الفجر , طرقت البابفقالت مباشرة " تفضل "ففتحته ودخلت وقلت مبتسمة " نمت البارحة مبكراولم أستطع النوم الآن "قالت مبتسمة " تعالي إذا , هذا لأن زوجك ليس هنا ليلةأمس لما نمتِ باكرا هكذا "ابتسمت بحياء ودخلت وأغلقت الباب واقتربت منها حتىجلست أمامها وقلت " في ماذا تمضين الوقت كل يوم "وضعت مصحفها جانبا وقالت " في الحديقة في إعداد الطعامأو ترتيب غرفتي , لا أحار فدائما أجد لي عملا أفعله "ابتسمت لها ولم أعلق فقالت " أرى أواس هذه الفترة شخصآخر يبدوا أن الأمور تطورت بينكما "نظرت ليداي في حجري وقلت " أفضل من السابق بكثير "قالت بهدوء " علمت أن هذا لن يصعب عليك ونصحتكسابقا بأن تجربي "رفعت نظري لها وقلت بحيرة " لكن ثمة ما يزال يؤرقه عمتييحزنني حاله حقا ولا أفهمه ولا أفهم ماضيه وخائفة عليه منه حقا "تنهدت وقالت " حل ذلك كله لديك يا دُرر فأنتي مفتاح أواسالوحيد , أنتي من عليه انتشاله من ذلك الماضي "هززت رأسي بحيرة وقلت بحزن " كيف وأنا لا أعلمه , جدي والحقدالذي بينهما والده وأشياء كثيرة لا أفهمها , من كان يعذبه منهما ومايريدان منه فلا واحد منهما يبدوا يفكر في تركه وشأنه فكيفسأنقده وأحميه وأنا لا أفهم شيئا "كانت ستتحدث لولا انفتح الباب وظننتها إحدى الخادمات حتىقالت الجالسة مقابلا لي بابتسامة " تعال فيبدوا أن الذين فارقهمالنوم كثر اليوم "التفت حينها فكان أواس ببيجامة النوم شعره مبعثر وعيناه محمرتانوناعستان , اقترب مني وأمسك يدي وسحبني منها قائلا" من سمح لك بمغادرة الغرفة تحركي هيا "وسحبني معه على صوت ضحكة عمته فقلت ضاحكة وأنا أجاريخطواته السريعة " أواس توقف , ما ستفعل بي وأنت ستنام "وكان وكأنه لا يسمعني حتى وصلنا غرفتنا وأغلق الباب وأشارللسرير دون كلام فضحكت ودخلت تحت اللحاف فنام أيضا وشدنيلحظنه قائلا " هل تعي أن النوم فارق عيني ما أن غادرتِ الغرفة "دسست وجهي في صدره وأحطت خصره بذراعي وقلت مبتسمة" أمري لله رغم أني قسما لا أشعر بالنعاس "قال حينها بصوت ثقيل هامس " أشششش "وسرعان ما عاد للنوم وتركني لتلاطم مشاعري وأنا أتنفس عطرهوأستمع لأنفاسه ونبضات قلبه وكأنه ينوي بهذا تعذيبي أكثر ولم يكفيهما وصلت له , فلا ينسيني نظرات زوجته وكلامها الجارح سوا لحظاتوجوده معي , بعد وقت استسلمت للنوم رغما عني كطفل أطفئواعليه النور وسجنوه في سريرهوبعد وقت طويل استيقظت ووجدت نفسي وحدي ولم أشعر حتىبتركه للسرير وكأني أنا التي نمت متعبة وليس هوا , جلست أجمعشعري وسمعت صوت المياه في الحمام أي أنه يستحم وسيخرج لباقيأعماله , غادرت السرير وتوجهت لهاتفه وطاقة ما تحركني أسمها( عليا معرفة ماضيك يا أواس ) أمسكت هاتفه بيدين مرتجفة وعينايعلى باب الحمام وقلبي ينبض بجنون من الخوف لأني أعي معنى ماسيحدث إن خرج ووجدني أمسكه , فتحت قائمة الأسماء ولحسن حظيلم يكن يغلقه بالرقم السري وبحثت عن أسم ( الوحش ) ونظرت للرقممطولا وأعدته عدة مرات من توتري لأحفظه ثم وضعت الهاتف مكانهلحظة ما توقفت المياه في الحمام , أعلم خطورة ما سأقدم عليه وأنهحذرني من التحدث بهاتفي مع غير سراب وترجمان لكن عليا أنأفهم وأن أعلم الحقيقة مادام لا يريد هوا إخباري بها*****************************************************حركت المجرفة فطار الحجر ضاربا في خصرها فلم أستطع إمساكضحكتي وقالت هي بضيق " نعم أعطبي لي كليتي , أعلم أنذاك الأحمق أمين لن يأخذني من هنا إلا نصف إنسانة "عدت للضحك مجددا فسدين الشخص الوحيد الذي بات مصدر الترفيهلي هنا ولا أعلم كيف ستصبح هذه المزرعة بعد مغادرتها فلم أتخيليوما أنها بلباسها وعاداتها تلك تعمل كل هذه الأعمال , رمت مافي يدها وقالت " انتهى عملنا لليوم هيا للراحة "رميت المجرفة أيضا وتوجهنا للمنزل وقالت " الأحمق إياستركنا نعمل وحدنا وغادر "لويت شفتاي وتمتمت " ذلك أفضل "وطبعا لم يخاطب لساني لسانه منذ ذاك اليوم رغم أننا نتواجد معالأكثر من ساعتين هنا وعلى طاولة الطعام , وهوا الآن مشغولبإعداد جناح له ولعروسه الجديدة ويرميني أنا في غرفة ولم يجعللي جناحا ولا وقت زواجنا هناك , لا أعلم أي مظهر سخيف هذاالذي سيظهر به أمام الناس تزوج ولم يمضي على زواجنا أكثرمن ست أشهر , دخلنا المنزل وقالت عمتي ما أن رأتنا" للحمام فورا لنتناول الغداء "قالت سدين " سآكل هكذا ثم أستحم وأنام "نظرت لها بصدمة ثم ضحكت وقالت " سدين تتكلم يالا العجب "قالت سدين بضيق " وما تركتم من سدين القديمة غير الذكرى فلميعد لدي وقت ولا للاهتمام بنفسي كالسابق وتحولت لفتاة مزرعةمتسخة يدور الذباب حولها طوال النهار "ضحكنا أنا وعمتي هذه المرة ليعج المنزل بضحكاتنا ومات كل ذاكالضحك وتحول المكان لكوكب من الصمت وكأنه لا أحد فيه ما أندخل إياس من الباب يحمل في يده حقيبة كبيرة وضعها وقالناظرا هناك " أدخلي يا سهاد "لتعلوا ضربات كعب حداء امرأة ودخلت فتاة بقوام ممشوق وطويلوكأنها عارضة أزياء ببشرة عاجية وعينان زرقاء متوسطة الحجموملامح هادئة , بنطلون ضيق ومعطف من الفراء وقبعة وشالتغطي بهما شعرها وعنقها وكأنها قادمة من الجليد , مدت يدهالقبعتها فورا ونزعتها لينسدل شعرها البني المموج للخلف ولاأعلم لأي طول يصل وقالت بابتسامة خجولة " مساء الخير "****************************************************وقفت بسيارتي أمامه فركب وأغلق الباب بقوة وقال" تحرك "فشغلت السيارة وتحركنا وأنا في حيرة من أمره وملامحه وطلبهرؤيتي الآن وفي السيارة تحديدا !! نظرت له ثم للطريق وقلت" خالد ما بك يا رجل "قال بصوت فيه سخرية " اتصل بي إياس وتقابلنا صباحا "أوقفت السيارة جانبا ونظرت له وقلت بريبة " وماذا يريدمنك يتصل بك وما علاقتي أنا بالأمر "ضحك ضحكة ساخرة قائلا " هه كل الدخل لك , أنتصاحب الفكرة من البداية "نظرت له بتجهم لوقت ثم قلت " كنت أود خطبتها مجدداوأنتظر انتهاء عدتها فقط فهل اكتشف إياس شيئا من خطتنا "حرك رأسه ساخرا وقال " أي خطبة وخرافات يا رجل "ثم نظر لي وقال بجمود " جاء ليخبرني أن شقيقته موافقة علي "تيبست الدماء في عروقي وجف حلقي وإن كان للعينين قدرهعلى الخروج لخرجتا من مكانهما من الصدمة , قلت بصوتأبح " مــ ... كيف وافقت "حرك يده في الهواء وقال " أمي الحبيبة تطالب بحفيدتها ولأنهبسبب لعبتنا السخيفة أنا سبق وخطبتها وهي لا تريد خسارةابنتها فوافقت وفقط "قلت صارخا بحدة " هراء وهل أخبرته بالأمر "قال بحدة مماثلة " لا ... وتضنني جننت أخبره بأمر كهذا ليقطععنقي وعنقك معي على هذه الخطة السخيفة والمهزلة واللعببه وبعرض شقيقته "قلت من فوري " نحن لم نلعب به ولا بعرضها وموتشقيقك أفسد ذلك "أشار لي بيده بمعنى تفضل أنظر لما وصلنا له فقلت" والحل الآن يا خالد "فتح حينها باب السيارة وقال ناظرا لي بثبات " تنسى الأمر برمتهولا تتحدث أمامي مجددا عن غرامك وهيامك بخطيبتي "ونزل وضرب الباب وسار يديه في جيوبه فشغلت السيارة غيرمستوعب ما سمعت وتحركت بها بجانبه وقلت محدثا إياه مننافذتها " اركب نتفاهم في هذا الهراء الذي قلته "وقف مقابلا ونظر لي وقال " والدتي لن تتخلى عن مطالبتهابابنة مصطفى وأموت ولا ينتزعها أحد من حضن والدتهاوأنت خططت فتحمل النتائج "أوقفت السيارة حينها ونزلت منها ووقفت أمامه وقلت" علينا إخبارهم بالحقيقة "هز رأسه وقال " لن تستفيد شيئا سوا كره إياس لك فحافظ علىابن عمك , ورغد لولا ابنتها ما فكرت بي من أساسه ولولاهاأيضا ما وافقت فلا يخبرك خيالك أنه ما أن يأخذوا منها ابنتها ستتزوجك "أمسكت قميصه بقوة وقلت " يبدوا لي راقت لك اللعبةوترغب بها لنفسك "أمسك قبضتي بقوة وأبعد يدي قائلا " احترم ألفاظك يا بسام أنتصديقي من سنوات ولا أريد أن أخسرك فإن كنت أنت لا تفكربمصلحة أحد إلا نفسك فأنا أفكر في مصلحتهما ورغد لم أراهايوما أكثر من زوجة لشقيقي أحترمها وكأنها شقيقتي وهذه ليستسوا نتائج لعبتك فلا تنسى أني لم أخطط لها ولم أصرعليها فلُم نفسك فقط "ثم غادر راكضا مجتازا الطريق للشارع الآخر وتركني أشتمهوأشتم نفسي ورغد وإياس معه , ركبت سيارتي وغادرت بسرعةجنونية وكأني أفرغ بذلك غضبي من كل شيء , سحقا لو كنا نخططله هكذا ما نجحنا فكيف سارت الأقدار بهذا المنحى***********************************************************مر الأسبوع الماضي حافلا فقد قضيت أغلبه برفقة المحامي نتم باقيالإجراءات وأصبح نصف جميع أملاك ذاك العجوز لي والنصفالآخر لسراب طبعا ولا علم لها حتى الآن وسأخبرها قريبا فحتىالتوكيل ستنتهي مدته نهاية الأسبوع القادم , كانت فرحة بنات عميصابر لا توصف وهم يدخلون المنزل فلم أخبرهم حتى أصبحواداخله وامتزج ضحكهم وفرحهم بالدموع وكل واحدة تسرد عليا سيلامن الطلبات التي كانت تحلم بها لأحققها لها الآن وقد أحضرت لهمسائقا لأخذ الصغيرات لمدارسهم الجديدة وسجلت الآتي في الإعداديةفي حافلات خاصة بالمدارس وجلبت خادمتين أيضا لأعمال المنزلفهم كل دوافعي لاسترداد هذا المال وجاء الوقت الذي أرد فيه الدينلهذه العائلة التي مهما فعلت من أجلهم فلن أوفيهم شيئا , وسأبدأ مراحلعلاج عمي صابر قريبا ليتخلص على الأقل من الآلام التي لازالتتلازمه أغلب الأحيان , دخلت منزلي لأرى التمثال الصامت الذيأصبحت أشتاق حتى لسماع صوت حدائه يتحرك به في المنزلمشاعر تصارعني وتغلبني وأكبحها بكل جهدي لتجتاز آخر اختبارأولا وتنجح فيه ثم سننتقل أيضا هناك وأكمل حياتي معها وفي ظلجميع من أحب في ذاك المنزل الكبير , حاولت مرة التحدث معهامجددا في موضوع والدتها ورفضت فتحه بالكلية ولم أخبر خالتيبشيء بل طلبت منها مزيدا من الوقت متأملا أن تهدأ وتغير رأيهالكن يبدوا لي أن كل ذلك لن يحدث , دخلت المطبخ فكانت تقف فوقعلبة حديدية تخرج شيئا من فوق الخزانة فوقفت تحتها أنظر لهاوهي لم تنتبه لي فظهر أنها قطعة قماش تنظف بها الغبار فوقها ولمأنتبه لتسط الماء تحتي وبحركة سريعة كانت سترمي قطعة القماشفيه وتقفز للأسفل فشهقت بقوة حين وجدتني واقفا وترنحت في وقفتها فمددت يداي وأمسكت خصرها سريعا وأنزلتها لتصبح واقفة أماميلا يفصل أنفاسنا شيئا ولا يسع مدى نظرنا سوا لأعيننا سامحين لهمابالتحدث بدلا عنا , مددت أصابعي للخصلة التي تمردت على وجههافجفلت وابتعدت عني ترتب ما تبعثر من شعرها المربوط للخلفوشتت نظرها عن وجهي قائلة " أفزعتني "قلت مبتسما " آسف , وأنا كدت أن أكون ممسحة لغبارالخزانة "ضحكت حينها منزلة رأسها للأسفل تخفي شفتيها خلف ظهر كفيدها فنظرت للأعلى وتنهدت بقهر , يا صبرك عليها يا آسر لوتترك نفسك تفترسها بقبلاتك المتعطشة وترتاح , تراجعت للخلفقبل أن تسيطر عليا تلك الأفكار المجنونة وقلت من خارج المطبخ" أتركي كل هذا سنذهب لزيارة عمي صابر وعائلته "خرجت حينها من فورها واتجهت لغرفتها قائلة " جيد وأنااشتقت لهم وكنت سأطلب منك ذلك لكنك لا تأتي إلا لتنام "ثم دخلت ولم تسمع ولا ردي وخرجت بعد قليل بعباءتها تلفحجابها على رأسها فخرجت في صمت وهي تتبعني وسرنابجانب بعضنا في صمت تام حتى قالت " آسر ليست هذهطريق منزلهم !! هل انتقلوا منه لواحد آخر هنا ؟ "قلت باختصار " شيء من هذا القبيل "وما كانت ستتحدث حتى كنا في الساحة التي يوقفون فيها السياراتوقد وصلت قبلها ووقفت أنتظرها وهي واقفة تنظر لي باستغرابفأشرت لها بيدي لتسرع فركضت نحوي فقلت قبل أن تتحدث" بسرعة لنرجع قبل المساء "قالت من فورها " هل ربحت القضية يا آسر ؟؟ "****************************************************انا امرأة لي كياني لي كبريائي يصل عنفوانه للعلياءمن أنت لتستنقص انوثتي من وتحط من قدري أمام نفسي ماذا تعرف عني لتحكم علي بهذا الهراءأحصل حقي بيدي فلست بحاجة أمثالك ليمن علي بهذا العطاءلست مغرورة ومسترجلة دع من فكرك عني هذه الصورة الهوجاء لي كرامتي وشخصيتي ماجعلاني اصمد ليومي هذا ولن اتخلى عنهما ولو وصل بي العناد لعنان السماءترجمان انا اترجم اقوالي افعال فلدي مايكفيني لأخر الدهر من عزة نفس وكبرياءتريد كسر عيني وتحطيمي بامرأة أخرى هذا ضرب من الجنون ومنتهى الغباءأتظنني سآتيك باكية خانعة ذليلة ارتمي في أحضانك أقدم لك فروض الطاعة والولاء،لن اتوسل منك بعض الحب والاهتمام اترك عنك هذه الخيلاء*************************************************نظرنا لبعضنا ثلاثتنا ثم لهما لترتفع يد إياس لظهرها وتقدمسائرا بها نحونا وقال " هذه والدتي يا سهاد "فاقتربت منها وقبلت رأسها قائلة " عِمتي مساءا عَمّتي "كانت لكنتها غريبة بعض الشيء وكأنها تخرج بعض الحروفبصعوبة وإن كانت حرف أو حرفين لكنها واضحة , ركزت نظريعلى عينا إياس الذي كان ينظر لي ورغما عني كانت عيناي تلومهلست أعلم على ماذا تحديدا لكني حاولت أن أرسل بها نظرات حقدولا مبالاة فقط , لم أستطع مجاهدتها لتبعد نظرها عن عينيه فأرغمتهاعلى تغيير تعبيرها ومهما كان وفهمه منهما فلا يهم المهم أن لايفهم أنه لوما وعتابا , قالت حينها صاحبة البشرة الشاحبة" من منكما رغد ومن سدين "حولت حينها نظري من عينيه لها وقلت بثبات " بل أنا ترجمان "شحب لونها أكثر وعلتها نظرة الصدمة بادئ الأمر ثم نظرتلإياس وعادت بنظرها لي سريعا وقالت مبتسمة" سررت بلقائك "قلت بهمس " شكرا "وغادرت من أمامهم متوجهة للسلالم من فوري وصعدت لغرفتيدخلت وأغلقت الباب خلفي وجلست على السرير ممسكة هاتفيجربت الاتصال بسراب ولم تجب ودُرر هاتفها كان مقفلا فرميتهجانبا وتوجهت للأريكة جلست وشغلت التلفاز لحظة ما طرق أحدهمباب غرفتي ودخلت منه سدين قائلة بابتسامة " مرحا لترجماندمرتها بثقتك بنفسك وسرقت نظر إياس منها لك "قلت بسخرية وأنا اقلب القنوات " لم يكن سوا ترقب منه لردةفعلي يا بلهاء , ولا تتسلي بي وتراقبيني مجددا "قفزت جالسة بجواري وقالت " لم أحبها ومن النظرة الأولىفدعينا نتفق ونزيحها من الطريق "حركت كتفي بلامبالاة وقلت " لا يهم عندي "وقد كرهت شعور الاشتعال في داخلي منها فعليا أن لا أهتم لن أهتمأبدا , رميت جهاز التحكم جانبا وقلت " ما قصة لسانها الأعوج "ضحكت كثيرا وقالت " نزلت طائرتها من ساعات فقطقادمة من روسيا "نظرت لها باستغراب وقلت " روسية "حركت كتفها وقالت " قال أن والدتها روسية أما والدها فعربي "ابتسمت بسخرية وقلت " وتعرّف عليها في رحلاته التدريبيةأم عن طريق الانترنت "تنهدت وقالت " خالها أحد من تدربوا على يديهم هناك "هززت رأسي بحسنا وابتسمت بسخرية , طبعا لن أقول لما لميتزوجها من البداية ويرحمني لأن زواجنا أساسا كان رغما عنهوفهمت الآن لما كان يريد أن ننفصل وحين يئس من والدته وخالهتزوجها معي وجلبها , وقفت سدين وقالت " مؤكد تريدين تناولالغداء هنا سأطلب من الخادمة جلبه لنا لغرفتك "وقفت وقلت " ولما آكل في غرفتي سننزل لنأكل مع البقية "شدتني من يدي وسحبتني معها نحو الباب قائلة " نعم تعجبيننيهكذا لو كنت مكانك وتزوج عليا ذاك الأحمق الجاف البارد لجننت "هززت رأسي بيأس منها وأنا أجاري خطواتها حتى وصلنا للأسفلوحين وصلنا طاولة الطعام كان هناك عمتي ورغد وابنتها وإياسفقط فجلسنا في صمت فيبدوا أن العروس متعبة واختارت النوم أوهكذا هيئ لي حتى نزلت نسمع صوت كعبها من هنا ودخلت بفستانقصير للركبتين وقد جمعت شعرها للأعلى وتوجهت من فورهاللكرسي بجانب إياس لتصعق الجميع بأن مالت لرأسه وقبلت خدهوهمست له في أذنه بشيء وجلست بجانبه ونظره يتبعها حتىجلست وقال مبتسما " لم أكلف نفسي بشيء يستحق "فهربت بنظري للطبق تحتي وقد كرهت حتى تناول شيء منهما هذه الوقاحة وقلة الأدب ؟؟ نعم تربية روس كفار ماذا سنتوقعمنها , بدأ الجميع الأكل في صمت وأجبرت نفسي على تناول بعضاللقم مع إزعاج ابنة رغد التي تغني بجانبي أغنية عن الخضرواتوكأنها تحبهم وليست تأكلهم مجبرة دائما , رفعت بعدها نظري ليقععلى المقابلة لي تأكل وكأنها أحد النبلاء حتى الملعقة تحركها لفمهاببطء دون أن تنظر لها وتمسح شفتيها كل حين وتجلس بطريقةوكأني أشاهد فيلما عن بطلة من عائلة ارستقراطية تأكل مع عامةالناس , تنفست بضيق ثم وقفت وغادرت من هناك لغرفتي مجددالعله يسعد الآن بعدما تزوج من النوع الذي يعجبه ولنرى كيفستعمل هذه الشاحبة أعمالنا في المزرعة
نسخ الرابط