Mahmoud Nasser

الحلقة الأولى فى كهف صغير مظلم يطل على البحر يجلس رجل عجوز بلحية طويلة ، وحوله مجموعة من الصبية يستمعون إليه وهو يقص تاريخا غريبا عليهم ويقول للمرة المئة أعرف انكم لن تصدقوا ماحدث ،ثم امسك حديدة بجواره مستطيلة الشكل وهو يقول ، هل تتخيلون أن القدماء كانوا يسستخدمون واحدة كهذه ليتحدثوا ولو كان أحدهما فى القطب الشمالى والآخر فى القطب الجنوبي ، بل كانوا يرون بعضهم من خلال حديدة كهذه .انحنى (صخر) أكبر الصبية إلى أخته ( نبع) وهو يتمتم ، يبدو أن الجد عاد إلى خرفه مرة أخرى ، وحاولا اخفاء ابتسامتهما عن الجد التفتت نبع إلى جدها وقالت : دعنا من هذه الحكايات ياجدي واحك لنا عن رحلتك إلى الجانب الآخر من البحر وأنت صغير، ماذا وجدت هناك ؟ قال صخر : سمعنا هذه الحكاية الف مرة ، سأحكيها انا لكى ثم وقف متهكما وقال : فى العام ٢٤٠٠ كان الجد الصغير فى عمر التسع سنوات ، وفى كل ليلة يصعد إلى أعلى الجبل ويرى من خلف المحيط ضوءا ساطعا وفى ليلة قرر أن يركب مركب جد جده ويبحر فى البحر متحديا المخلوقات المرعبة فى أقصى المحيط ، وعندما وصل إلى منطقة الصخور التى تفصل بيننا وبينهم وجد يدا تخترق المركب وتجره خلفها وهو يصرخ بكل قوته لعل أحدا يسمعه ، ثم قفز من المركب إلى الصخور الفاصلة وظل يجرى والصخور تنزلق من تحت قدمه ، وتلاحقه تلك المخلوقات ، حتى وصل إلى نهاية الصخور وهناك وقع على الأرض من شدة الإعياء واستيقظ مع شروق الشمس ، ليجد نفسه فى قبيلته وكأن شيئا لم يحدث فقام من الأرض وهو يقسم أنه رأى ما رأى وهم يقسمون أنهم وجدوك ياجدي بلا ملابس تسترك وأنك حتما كنت تحلم ‏ارتفع صوت الأطفال بالضحكات ، صخر ونبع وهديل ورغد وشوك ، الكل يضحك والجد ينظر إليهم فى أسف ، ثم قام الجد وخرج من الكهف ليدخل كهفا آخر ويمد يده فى جحر صغير فى زاوية ويخرج منه كتابا به مجموعة من الصور لمجموعات كبيرة تحمل أعلام ويبدو عليهم الغضب ، وصور أخرى لأناس يموتون فى الشوارع بدون سبب ظاهر ، ومجموعة أخرى لأناس من حديد يجوبون الشوارع ممسكين فى أيديهم أشياء تخرج نارا وتقتل الناس بالعشرات ، ويقودهم رجال ونساء يلبسون ملابس ملونة بألوان الطيف ويحملون أعلاما بذات اللون ، وأشياء أخرى تطير تشبه الحمام لكنها مصنوعة من المعدن ومكتوب على كل مجموعة من تلك الصور تاريخا للعام الذي التقطت فيه مابين ٢٠١١ إلى ٢١٠٠ ‏ثم ينظر الجد إلى الفراغ من حوله ويقول : آن للجميع أن يقتنع ، ويخرج من فتحة الكهف وهو ينادي : ياأهل قبيلتي ، تعالوا وانظروا وتأكدوا إذا كنت مجنونا ، تعالوا لتروا كيف كان البشر قبلنا قبل أقل من خمسمائة عام ، كانوا يطيرون فى الفضاء ، ويسبحون داخل عمق الأرض ويتكلمون مع الجمادات وتفهمهم ويزرعون الأرض بكل الثمار فى أي وقت ، وكانت لهم جيوش أسلحتهم غير أسلحتنا وطعامهم غير طعامنا وكانوا لا يتزوجون النساء ‏وظلوا يتقاتلون بأسلحة تشبه السحر حتى فنوا وبقي الذين أهلكوهم خلف البحر المحرم علينا تجاوزه وأبناؤهم يرثون طريقتهم فى منعنا .. ‏الحلقة الأولى ٢٤٦٥محمود ناصر