يا صديقي، إن الضربة التي لا تقتلك تقويك.قالوها واحدا تلو الآخر كأنها صدى الصوت، رغم أنهم قد دخلوا إليّ فرادى، أصبح كتم الضحك صعبا عند الثالث، ولكن ما جعله أصعب هو محاولة الرابع وضع لمسات على العبارة ليبدو مختلفا فأتى بمعنى مضاد تماما، ولكن هيبة الموقف انتصرت في النهاية فلم أضحك، كان شريكي في المكتب جالسا يقاوم رغبته في الضحك أيضا، حتى إذا غادر الخامس أفرج شريكي عن ابتسامته الحبيسة فبادلته إياها بمثلها، فهز كتفيه أو اهتزا تلقائيا احتفالا بتفاهمنا الصامت المتبادل، ثم غابت ابتسامته وانشغل بما أمامه، ولكن ابتسامتي لم تلحق بابتسامته بل زادت اتساعا. .لقد ظن أنني ابتسم لدخول الروبوتات إليّ بهذه الصورة الساذجة، بينما كنت ابتسم حقيقة لأنهم أطلقوا تلك العبارة دون أن يفكروا في ماهية واتجاه تلك القوة التي ستتولد من الضربة غير القاتلة! لماذا شعروا بالأمان إلى هذا الحد! لماذا لم يفكروا إلى أين قد تمتد مخالب تلك القوة، هل يثقون بعدالة المظلوم أم يثقون ببرائتهم! وهل سيكون المظلوم دوما عادلا حين الرد! أم سيكون البرئ بهذه السطحية والآلية والغباء!.هل يظن رفيق الغرفة أن ابتسامته الساخرة من الروبوتات أو عدم تكراره لعبارتهم تعفيه! بل هل كان ينوي أصلا أن يقولها مثلهم ولكنهم سبقوه فانتقل من جانبهم إلى جانبي، إن قورن بهم فقد توفر له ما لم يتوفر لهم، فهو الوحيد الذي سمع الجميع بينما لم يسمع أي منهم سوى نفسه، أم يا ترى هو من لقنهم تلك العبارة أصلا فظهروا أمامي كفريق ببغاوات بينما بدا هو الإنسان الوحيد والبرئ في هذا العالم!.بعد دقائق كنت لازلت غارقا في عالم أفكاري، بينما تفرغ هو بعض الشيء فأعاد النظر إلي فوجدني لازلت أنظر إليه مبتسما، لم يبادلني الابتسام هذه المرة بل لمعت في عينه نظرة قلق وتوتر، نعم، هكذا، يبدو أنه قد فهم، لا أدري إن كان أول من لقنهم تلك العبارة ولكنه على الأقل أول من فهم خطورتها، وربما سيكون أول من يحزن لأن الضربة لم تقتل، ربما يتمنى أن لو كانت الضربة التي لا تقتل لا تزيد المظلوم إلا ضعفا، لم يهز كتفيه احتفالا بتفاهمنا الصامت هذه المرة رغم كونها أولى بالاحتفال، بل قام وغادر الغرفة، وجلست انتظر الببغاء التالي، والذي ستظهر عبارته الأولى كيف تسير الأمور ومن يسيرها. #حكاية_قصيرة #قلمي
نسخ الرابط