اسامه محمود

والله ينظر إلى القلوب فيصطفي، وينظر إلى الأعمال فيقبل، وما عدا ذلك من الصور والهيئات زبد يذهب جفاءً...عبدالله عثمان

القراءة من أكثر الأدوات التي من الممكن أن تؤدي إلى عكس نتيجتها المرجوة، فقد يتعمق الجهل مع القراءة، وقد يتشتت الفكر ويتبلبل اللسان بسبب أن عملية القراءة لم تتسم بوضوح الهدف واتباع المسارات الصحيحة إليه وعلى العكس من ذلك فقد اتسمت بالعشوائية والتخبط أو الحماسة المندفعة ناحية أيديولوجية ما بسبب دافع نفسي لا أكثر، لذلك فإن تنظيم عملية القراءة _وهنا نقصد التنظيم الموضوعي لا الشامل، لأن عملية القراءة عملية إبداعية يجب أن تمتاز بمساحة من الحرية والتجريب والاكتشاف_ ضروري للغاية، وهو يتم عبر عدة خطوات:_ تحديد الهدف من القراءة، أو إذا كانت هناك عدة أهداف، مثل اكتساب اللغة وطرائق التعبير، أو المعرفة الموضوعية حيال موضوع ما، أو المعرفة الأصولية لفرع معرفي معين، أو تحفيز الخيال، أو لذة الغياب في العالم المقروء، أو امتلاك أدوات التفكير والتحليل والنقد، أو تحفيز الذاكرة._ كل هدف من تلك الأهداف له طرائقه والكتب المناسبة له، واجتماع مجموعة من الأهداف معًا يتطلب انسجامها في خريطة متكاملة أو الحرص على عدم التأثير السلبي بين مجالاتها التأثيرية، مع التأكيد أن بعض تلك الأهداف خاصة المعرفتين الموضوعية والأصولية حول موضوع أو علم ما تحتاج إلى ترتيب معين يبدأ بمدخل يحتوي على مفاتيح ذلك الموضوع أو العلم وينظم مساحاته ويقرب لغته ومصطلحاته ويحيل إلى الأدوات الأولية لفهم الموضوع، فهناك موضوعات وعلوم تحتاج إلى قدر من المنطق أو المعرفة اللغوية المتخصصة أو ما يسمى بعلوم الآلة._ لا بد من أن يستكشف القارئ طبيعة النص الذي يقرأه، ولا يغيب عن ذهنه وشعوره خصائص هذا النص كي يستطيع التفاعل معه، كي يعرف إذا كان هذا نصًا أدبيًا أم علميًا أم تواصليًا، بيانًا أم رسالة أم موقف نفسي، مطلق أم نسبي، ملتف على المنطق أم منضبط بقواعده، مؤدلج أم يبتغي الحقيقة قدر ما يستطيع، يتبع تقنيات التأثير النفسي والخداع أم منصف ومستقيم..._ لا بد للقارئ من أن يمرس نفسه على التلقي طويلًا، وعلى أنواعه، كي تصير القراءة بعد ذلك عملية ممتعة، وكي يستطيع اكتشاف قدرات النص التي تصل به إلى الأهداف التي يبتغيها من القراءة...عبدالله عثمان