close
Descriptive Alt Text

اعادة نشر ريفيو ROMA بعد تعديلات في بضع أجزاء المراجعة القديمة #ريفيوهات_موسم_الجوايز ROMA (حكاية شعب)الواقعية تعتبر أحد فئات السينما التي من الممكن ألا تلقي القبول او الثناء الكافي من قبل الجماهير قاصدي صالات العرض من أجل الترفيه والاستمتاع بوجبة سينمائية دسمة لا تخلو من الاثارة وعناصر التسلية و تشبع رغباتهم في قضاء وقت ممتع بعيد عن واقع الحياة المرير وما به من صعوبات وتعثرات تثقل من كاهل المرء بحمل ثقيل علي كتفه وتدخله في دوامة من الإحباط والإنكسار النفسي والمعنوي.لكن علي النقيض تشهد تلك النوعية من الافلام اهتمام كبير من قبل النقاد وبالتحديد في آواخر كل عام المعروفة بإسم "موسم الجوائز" التي لا يمكن ان يخلو من فيلم او اثنين في ذلك الوقت يتميزا بامتلاك المقومات الأساسية لبناء حبكة مستمدة من مقتطفات من حياة واقعية يومية تشكل إلهاما لصانع الفيلم لكي يحصد نوعا من التقدير الفني بقدرته علي صياغة عمل سينمائي يصعب علي الكثيرين تقديمه إلا لو كان ذو مهارة وخبرة فنية كبيرة في المجال السينمائي.أدرك المخرج الإسباني "الفونسو كوارون" أنه قد حان الوقت لكي يستغل الرواج الكبير لتلك المدرسة السينمائية وأن يحقق حلمه بتقديم فيلم مقتبس من أحداث من واقع طفولته يعود به كوارون الي نشأته الأصلية في المكسيك بالتحديد في بداية السبعينيات مستعينا بذاكرة امتلئت بمواقف عدة شهدها "كوارون" نفسه ولعبت دورا كبيرا في تكوين الأحداث الرئيسية للفيلم لكن تحدي كوارون الأصعب تمثل في صياغة الواقع بأسلوب سينمائي مناسب لينجح (كوارون) في تكرار إنجاز"GRAVITY" وتقديم تحفة فنية ستظل خالدة في أذهان الكثيرين مصبوغة بإنجاز مبهر علي المستوي التقني من ما مكن الفيلم من حصد ثناء النقاد نتيجة براعة (كوارون) في طريقة إخراجه للعمل بجانب تميز النص السينمائي الذي كتبه (كوارون) أيضا.(كوارون) إتخاذ عدة قرارات لشكل المشروع الخاص بROMA حتي لا يقع في فخ النقد بل إهتم بتقديم عمل ذو طابع فريد و بنمط مختلف في الأجواء العامة والمضمون القصصي والأسلوب التقني فبالكشف عن مفردات التجربة نجد أن "كوارون" قرر تجربة تصوير الفيلم بمفرده دون الاستعانة بالحائز علي جائزة الاوسكار (إيمانويل لوبيزيكي) والذي تعاون معه (كوارون) سابقا وذلك نبع من تتبع شكل معين في طريقة ظبط إيقاع التصوير الإختيار الأمثل للزوايا التصويرية لإضفاء لمسة جمالية علي مشاهد الفيلم والتقاط كل صغيرة وكبيرة بها سلاسة كبيرة في حركة الكاميرا وإنتقال سهل وبإنسيابية مبهرة بين اللقطات البانورامية الاستكشافية الطويلة " LONG TAKES"" واللقطات القريبة "CLOSE UP" التي تكشف عن حالة الشخصية النفسية وما يمكن أن تحمله الصورة من معاني لتلك الحالة يستطيع المتفرج من خلاها أن يحدد موقفه سؤاء بالتعاطف او بغير ذلك.إختار (كوراون) كذلك استخدام اللون الابيض والأسود كلغة تصوير أساسية للفيلم وإضافة لمحة من النوستالجيا لتسلسلات الأحداث والنهج الروائي المختار كشكل من أشكال السرد فنحن بصدد تجربة تطلعنا عن ما يدور في ذاكرة (كوارون) والحياة المكسيكية بشكل عام في تلك الفترة الزمنية بما فيها من ظواهر إجتماعية وسياسية متعددة.علي عكس شخصيات عالم السينما الواقعية التي يهوي صناعها تكوين شخصيات مقاربة لهم لكي تكون المحرك الأساسي للأحداث ،أحب "كوارون" أن لا يكون البطل شخصية مشابهة له حينما كان صغيرأّ في العمر بل فضل تصميم شخصية البطل شبيهة لآحد المقربين له ممن تركوا أثرأّ كبيرأّ في حياته كالخادمة (ليبو) التي كان يرتبط بها (كوارون) ويعتبرها والدته الثانية والتي بطبيعة الحال يهديها الفيلم بعد ظهوره أخيرأّ علي شاشات السينما أثناء عرضه لفترة محدودة. ومن هنا يأتي دور (كليو) الخادمة المنتمية للسكان الأصليين والتي من خلاها نري ما يريد (كوراون) إيصاله من تفاصيل جذرية في حياته وسرد قصص من واقع ما خاضه وهو في ريعان الشباب فيحسب ل"كوارون" ماحققه من توازن في عملية الإبداع في كتابة المواقف المستمدة من أحداث حقيقة و أيضا إختيار الشكل المناسب للشخصيات المفترض ان تخوض التجربة بكل ما فيها من مفارقات.ربما عجز (كوارون) عن شيئين كانا من الممكن ان يحققا الرضا الكامل عن التجربة ولكن لن ينقصا إطلاقا من انجازات الفيلم ومميزاته الملفتة للانتباه وهما:1- إضفاء طابع ملحمي بعد الشئ علي الاحداث أسوة بأفلام اخري مثل MANCHESTER BY THE SEA و THREE BILLBOARDS OUTSIDE EBBING MISSOURI فالاحداث هادئة بشكل كبير رغم زرع بضع خطوط تعقيدية ل (كليو) خلال مسار الاحداث لكن أختار (كوارون) ان تتماشي قصته بايقاع بسيط وغير صارخ ومتماشيا مع فكرة سرد الواقع بدون تحريف او إضافة طابع سينمائي ملحمي متناغم مع الاحداث الأساسية يضاف إلي ذلك رغبته بتكوين شخصيات إنفعالاتها محدودة بعض الشئ.2-عدم ارتباط نسبي بشخصية "كليو" رغم الاداء التمثلي الجيد خصوصا ل""ياليتستا اباريسيو"" التي تقف لاول مرة أمام الكاميرا ولكن تميزت بامتلاك وجهأّ كان يحمل زخم تعبيري مميز تارة يميل الي الحزن الدفين وتارة يوحي بالبراءة والطيبة الشديدة والحب للحياة والمجتمع الصغير الذي تعيش بوسطه فكان هناك إحساس بسيط بوجود حاجز "ليس بالعملاق" موجود بينها وبين المتفرج نتيجة هدوء الطباع التي فرضها "كوارون" علي "كليو" وإهتمامه بتثبيت إيقاع الفيلم ليكون هادئ بدون تواجد لأي موسيقي تصويرية او مشاهد تبعثر من ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة بجانب إهتمام (كوارون) بسرد القصة بكامل تفاصيلها وغدوها متماسكة الأحداث والتفاصيل النابعة مما يعبر عن وجهة نظر "كوارون" الخاصة وابراز الجانب التقني الذي يعتبر من اهم ايجابيات العمل ومن أفضل ما قدم علي مستوي التصوير في الفترة الأخيرة.ففي السينما بشكل عام، الإرتباط بالشخصيات عنصر أساسي للتفاعل وجذب تعاطف المشاهد مع بطل الحبكة وما يواجهه من صعوبات وهذا لم يأخذ من تفكير (كوارون) إلا قليلأّ فحين تشتد الصعاب وتتشابك الاحداث بعد الشئ خصوصا في نصف الفيلم الثاني تجده يعود بهدوء شديد الي الايقاع الأساسي للاحداث رغم تصاعد الرتم نسبيا في آواخر الفيلم من ما أعطي الحبكة دفعة الي الإمام ولو بالقليل بدلأّ من غدو مشاهدها متشابهة نسبيأّ. لا شك ان "ROMA" ليس فقط حكاية شخص شاهد وعاصر الكثير في طفولته فأراد ان ينفس عن ما كان يدور في مخيلته، بل من الممكن اعتبارها (حكاية شعب) بما فيه من ممارسات وظروف اجتماعية وسياسية ونفسية طغت خلال تلك الفترة من الزمن والتي كانت سببا في جعل (كوارون) مهووس بتقديم تلك اللمحات الواعية في شكل عمل سينمائي لن ينسي من ذاكرة المتابعين والذي سينال نصيب الاسد في ترشيحات الأوسكار هذا العام لما فيه من إنجازات فنية واخراجية كبيرة ستغير فكر من يمقت السينما الواقعية ويعتقد بكونها مملة وغير مرضية للأذواق.

close
Osama Said

اعادة نشر ريفيو ROMA بعد تعديلات في بضع أجزاء المراجعة القديمة #ريفيوهات_موسم_الجوايز ROMA (حكاية شعب)الواقعية تعتبر أحد فئات السينما التي من الممكن ألا تلقي القبول او الثناء الكافي من قبل الجماهير قاصدي صالات العرض من أجل الترفيه والاستمتاع بوجبة سينمائية دسمة لا تخلو من الاثارة وعناصر التسلية و تشبع رغباتهم في قضاء وقت ممتع بعيد عن واقع الحياة المرير وما به من صعوبات وتعثرات تثقل من كاهل المرء بحمل ثقيل علي كتفه وتدخله في دوامة من الإحباط والإنكسار النفسي والمعنوي.لكن علي النقيض تشهد تلك النوعية من الافلام اهتمام كبير من قبل النقاد وبالتحديد في آواخر كل عام المعروفة بإسم "موسم الجوائز" التي لا يمكن ان يخلو من فيلم او اثنين في ذلك الوقت يتميزا بامتلاك المقومات الأساسية لبناء حبكة مستمدة من مقتطفات من حياة واقعية يومية تشكل إلهاما لصانع الفيلم لكي يحصد نوعا من التقدير الفني بقدرته علي صياغة عمل سينمائي يصعب علي الكثيرين تقديمه إلا لو كان ذو مهارة وخبرة فنية كبيرة في المجال السينمائي.أدرك المخرج الإسباني "الفونسو كوارون" أنه قد حان الوقت لكي يستغل الرواج الكبير لتلك المدرسة السينمائية وأن يحقق حلمه بتقديم فيلم مقتبس من أحداث من واقع طفولته يعود به كوارون الي نشأته الأصلية في المكسيك بالتحديد في بداية السبعينيات مستعينا بذاكرة امتلئت بمواقف عدة شهدها "كوارون" نفسه ولعبت دورا كبيرا في تكوين الأحداث الرئيسية للفيلم لكن تحدي كوارون الأصعب تمثل في صياغة الواقع بأسلوب سينمائي مناسب لينجح (كوارون) في تكرار إنجاز"GRAVITY" وتقديم تحفة فنية ستظل خالدة في أذهان الكثيرين مصبوغة بإنجاز مبهر علي المستوي التقني من ما مكن الفيلم من حصد ثناء النقاد نتيجة براعة (كوارون) في طريقة إخراجه للعمل بجانب تميز النص السينمائي الذي كتبه (كوارون) أيضا.(كوارون) إتخاذ عدة قرارات لشكل المشروع الخاص بROMA حتي لا يقع في فخ النقد بل إهتم بتقديم عمل ذو طابع فريد و بنمط مختلف في الأجواء العامة والمضمون القصصي والأسلوب التقني فبالكشف عن مفردات التجربة نجد أن "كوارون" قرر تجربة تصوير الفيلم بمفرده دون الاستعانة بالحائز علي جائزة الاوسكار (إيمانويل لوبيزيكي) والذي تعاون معه (كوارون) سابقا وذلك نبع من تتبع شكل معين في طريقة ظبط إيقاع التصوير الإختيار الأمثل للزوايا التصويرية لإضفاء لمسة جمالية علي مشاهد الفيلم والتقاط كل صغيرة وكبيرة بها سلاسة كبيرة في حركة الكاميرا وإنتقال سهل وبإنسيابية مبهرة بين اللقطات البانورامية الاستكشافية الطويلة " LONG TAKES"" واللقطات القريبة "CLOSE UP" التي تكشف عن حالة الشخصية النفسية وما يمكن أن تحمله الصورة من معاني لتلك الحالة يستطيع المتفرج من خلاها أن يحدد موقفه سؤاء بالتعاطف او بغير ذلك.إختار (كوراون) كذلك استخدام اللون الابيض والأسود كلغة تصوير أساسية للفيلم وإضافة لمحة من النوستالجيا لتسلسلات الأحداث والنهج الروائي المختار كشكل من أشكال السرد فنحن بصدد تجربة تطلعنا عن ما يدور في ذاكرة (كوارون) والحياة المكسيكية بشكل عام في تلك الفترة الزمنية بما فيها من ظواهر إجتماعية وسياسية متعددة.علي عكس شخصيات عالم السينما الواقعية التي يهوي صناعها تكوين شخصيات مقاربة لهم لكي تكون المحرك الأساسي للأحداث ،أحب "كوارون" أن لا يكون البطل شخصية مشابهة له حينما كان صغيرأّ في العمر بل فضل تصميم شخصية البطل شبيهة لآحد المقربين له ممن تركوا أثرأّ كبيرأّ في حياته كالخادمة (ليبو) التي كان يرتبط بها (كوارون) ويعتبرها والدته الثانية والتي بطبيعة الحال يهديها الفيلم بعد ظهوره أخيرأّ علي شاشات السينما أثناء عرضه لفترة محدودة. ومن هنا يأتي دور (كليو) الخادمة المنتمية للسكان الأصليين والتي من خلاها نري ما يريد (كوراون) إيصاله من تفاصيل جذرية في حياته وسرد قصص من واقع ما خاضه وهو في ريعان الشباب فيحسب ل"كوارون" ماحققه من توازن في عملية الإبداع في كتابة المواقف المستمدة من أحداث حقيقة و أيضا إختيار الشكل المناسب للشخصيات المفترض ان تخوض التجربة بكل ما فيها من مفارقات.ربما عجز (كوارون) عن شيئين كانا من الممكن ان يحققا الرضا الكامل عن التجربة ولكن لن ينقصا إطلاقا من انجازات الفيلم ومميزاته الملفتة للانتباه وهما:1- إضفاء طابع ملحمي بعد الشئ علي الاحداث أسوة بأفلام اخري مثل MANCHESTER BY THE SEA و THREE BILLBOARDS OUTSIDE EBBING MISSOURI فالاحداث هادئة بشكل كبير رغم زرع بضع خطوط تعقيدية ل (كليو) خلال مسار الاحداث لكن أختار (كوارون) ان تتماشي قصته بايقاع بسيط وغير صارخ ومتماشيا مع فكرة سرد الواقع بدون تحريف او إضافة طابع سينمائي ملحمي متناغم مع الاحداث الأساسية يضاف إلي ذلك رغبته بتكوين شخصيات إنفعالاتها محدودة بعض الشئ.2-عدم ارتباط نسبي بشخصية "كليو" رغم الاداء التمثلي الجيد خصوصا ل""ياليتستا اباريسيو"" التي تقف لاول مرة أمام الكاميرا ولكن تميزت بامتلاك وجهأّ كان يحمل زخم تعبيري مميز تارة يميل الي الحزن الدفين وتارة يوحي بالبراءة والطيبة الشديدة والحب للحياة والمجتمع الصغير الذي تعيش بوسطه فكان هناك إحساس بسيط بوجود حاجز "ليس بالعملاق" موجود بينها وبين المتفرج نتيجة هدوء الطباع التي فرضها "كوارون" علي "كليو" وإهتمامه بتثبيت إيقاع الفيلم ليكون هادئ بدون تواجد لأي موسيقي تصويرية او مشاهد تبعثر من ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة بجانب إهتمام (كوارون) بسرد القصة بكامل تفاصيلها وغدوها متماسكة الأحداث والتفاصيل النابعة مما يعبر عن وجهة نظر "كوارون" الخاصة وابراز الجانب التقني الذي يعتبر من اهم ايجابيات العمل ومن أفضل ما قدم علي مستوي التصوير في الفترة الأخيرة.ففي السينما بشكل عام، الإرتباط بالشخصيات عنصر أساسي للتفاعل وجذب تعاطف المشاهد مع بطل الحبكة وما يواجهه من صعوبات وهذا لم يأخذ من تفكير (كوارون) إلا قليلأّ فحين تشتد الصعاب وتتشابك الاحداث بعد الشئ خصوصا في نصف الفيلم الثاني تجده يعود بهدوء شديد الي الايقاع الأساسي للاحداث رغم تصاعد الرتم نسبيا في آواخر الفيلم من ما أعطي الحبكة دفعة الي الإمام ولو بالقليل بدلأّ من غدو مشاهدها متشابهة نسبيأّ. لا شك ان "ROMA" ليس فقط حكاية شخص شاهد وعاصر الكثير في طفولته فأراد ان ينفس عن ما كان يدور في مخيلته، بل من الممكن اعتبارها (حكاية شعب) بما فيه من ممارسات وظروف اجتماعية وسياسية ونفسية طغت خلال تلك الفترة من الزمن والتي كانت سببا في جعل (كوارون) مهووس بتقديم تلك اللمحات الواعية في شكل عمل سينمائي لن ينسي من ذاكرة المتابعين والذي سينال نصيب الاسد في ترشيحات الأوسكار هذا العام لما فيه من إنجازات فنية واخراجية كبيرة ستغير فكر من يمقت السينما الواقعية ويعتقد بكونها مملة وغير مرضية للأذواق.

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح