close

منذ أشهر، توقفت عن عدّها، كل يوم، أسائل نفسي؛ ماذا يجب أن أفعل، لأتعايش مع نفسي من جديد، دون أن أصاب بالرعب حين أنظر ليدي وحين يميل فكي ليضحك..ماذا أفعل لئلا أدهس كل لحظة بمئات الأسئلة مئات المخاوف..وبألف ألف شعور بالذنب .. يبدو كل ما أفعله غير كاف، أقف على ناصية طريق رملي، رياح عاتية تحمل حبات قمح وأرز وشعيرية ربما سقطت من طائرة ضالة، أنتظر وفي يدي دلو مثقوب على رأس ينبوع مكدر، هذه الحفرة في صدري يبدو أنها غير قابلة للرمس..تطرقني فكرة؛ هناك طفل يموت من الجوع الآن.. أحتاج أن أوقف نزيف أفكاري وخيالاتي لئلا أموت كمدا..أنظر إلى يداي .. لا تزالان كما عهدتهما، خاليتي وفاض (....) .لا يكفيني التذكير اليومي، لا يكفيني كلام قد من دبر لا تكفيني الخربشة، هذه مسكنات ألم وأنا امرأة تكره المسكنات، هذه ليلة طويلة..أتشبث بالدعاء، طوق نجاتي لئلا أفقد صوابي، لئلا يصير الألم في لحظة ما لا يطاق، ولئلا أهلع حين لا أجد الجواب، ..مثقلة أنا بالأسئلة، بهلع الاحتمالات وعدم القدرة على النظر ليديّ، خاليتين، تؤلمانني، ولا يتغير شيء،..أفكر أني متعبة جدا.. لابد أن أرتاح، ثم يصدمني التذكر بأن من الأفكار ما يخون..أشعر أني أفقد بعض أعضائي، حقيقة ومجازا..الأم تحضن طفليها، يبدوان كتوأم، كأنهما نائمان، هي صابرة، تسترجع، تحمد،بهمس، تقبل الجبينين الباردين، تقلب بصرها في السماء، تعيد النظر للوجهين الصغيرين، صامتة الملامح،.. أنا التي أبكي،..لا أسكن إلا بتلاوة آيات الوعد للصابرين والوعيد للظالمين،.. الله رحيم، قدر هذا، والله كفيل به، أهدأ، لأنه حكيم، ولأن الموت ليس النهاية، أبكيني لأني أشعر أننا سبب، وأخاف أن نكون فشلنا في الامتحان وأن أخا لي بيننا بضع أراضي، يموت، جوعا، عطشا، وحصارا، ونو عضو مني ولا أملك أن أدفع عنه هذا الظلم،....أبكي، لا لقلة صبري، بل لأن ألمهم في عظامي، وتوسلاتهم، دموعهم ثم صمتهم وانكفاءهم على أنفسهم، ينزع مني صخبي،..أبكي ولكن أؤمن..أتألم لكني أصبر..أدعو، كل يوم، لهم، قبل نفسي، لأن يدي خاليتي وفاض لكني أعلم أن الدعاء أقوى، من ألف صاروخ،...خربشات

close
أنيسة موسى

لا توجد تعليقات حتى الآن!

كن أول من يعلق على هذا المنشور

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح