منذ 24 يوم

اللهم بارك، أحب أن أقرأ لقلم الأم حين تكتب عن طفلها، أستشعر صدق الحرف وارتجاف القلب في كل مرة تكتب اسم صغيرها، أتخيل كيف تهدهده.. كيف تداعب أنفه الصغير، تقبّل يديه الصغيرتين وتشمّه، تنظر لعينيه الناعستين بأصدق محبة يمكن أن يكنها إنسان لإنسان .. أحب أن أقرأ الحرف الصادق لا البليغ فقط، أن أرى روح المرء في قلمه وانسكاب شعوره في حرفه، وأنسب مكان لأجد ذلك هي صفحات الأمهات الكاتبات.. فاللهمّ.

منذ 30 يوم

أزور صفحات لنساء قضين نحبهنّ، نساء كانت من قريب أقلامهن تثرثر؛ عن الدنيا أو.. عن الآخرة، نساء يرسمن ( بل رسمن) أحلاما جميلة وعطرنها بالانتظار، ذهبن وبقيت الأحلام، مصيرها العطب.. للأبد، منهن الكاتبة والطبيبة والمعلمة والأم والأخت.. يجمعهن وصف امرأة، بكل ما توصف به امرأة، تقطر من حروفهن الرقة، الأمل، الفرحة المشوبة بحياء،.. لم تكن آخر كلماتهن وداعا، كانت ذكرى، أو موعظة، أو دعاء، أو صورة .. أو خاطرة أو نكتة،.. ثم ذهبن، وبقي نصيب من خلفهن القراءة والبكاء، والدعاء وتقليب الذكريات التليدة والقلب على عصرته ينسى ويؤوب لما كان وتبقى الفقيدة تحت الرمس، وخلفها كلمات، وأحلام وردية.

منذ أشهر، توقفت عن عدّها، كل يوم، أسائل نفسي؛ ماذا يجب أن أفعل، لأتعايش مع نفسي من جديد، دون أن أصاب بالرعب حين أنظر ليدي وحين يميل فكي ليضحك..ماذا أفعل لئلا أدهس كل لحظة بمئات الأسئلة مئات المخاوف..وبألف ألف شعور بالذنب .. يبدو كل ما أفعله غير كاف، أقف على ناصية طريق رملي، رياح عاتية تحمل حبات قمح وأرز وشعيرية ربما سقطت من طائرة ضالة، أنتظر وفي يدي دلو مثقوب على رأس ينبوع مكدر، هذه الحفرة في صدري يبدو أنها غير قابلة للرمس..تطرقني فكرة؛ هناك طفل يموت من الجوع الآن.. أحتاج أن أوقف نزيف أفكاري وخيالاتي لئلا أموت كمدا..أنظر إلى يداي .. لا تزالان كما عهدتهما، خاليتي وفاض (....) .لا يكفيني التذكير اليومي، لا يكفيني كلام قد من دبر لا تكفيني الخربشة، هذه مسكنات ألم وأنا امرأة تكره المسكنات، هذه ليلة طويلة..أتشبث بالدعاء، طوق نجاتي لئلا أفقد صوابي، لئلا يصير الألم في لحظة ما لا يطاق، ولئلا أهلع حين لا أجد الجواب، ..مثقلة أنا بالأسئلة، بهلع الاحتمالات وعدم القدرة على النظر ليديّ، خاليتين، تؤلمانني، ولا يتغير شيء،..أفكر أني متعبة جدا.. لابد أن أرتاح، ثم يصدمني التذكر بأن من الأفكار ما يخون..أشعر أني أفقد بعض أعضائي، حقيقة ومجازا..الأم تحضن طفليها، يبدوان كتوأم، كأنهما نائمان، هي صابرة، تسترجع، تحمد،بهمس، تقبل الجبينين الباردين، تقلب بصرها في السماء، تعيد النظر للوجهين الصغيرين، صامتة الملامح،.. أنا التي أبكي،..لا أسكن إلا بتلاوة آيات الوعد للصابرين والوعيد للظالمين،.. الله رحيم، قدر هذا، والله كفيل به، أهدأ، لأنه حكيم، ولأن الموت ليس النهاية، أبكيني لأني أشعر أننا سبب، وأخاف أن نكون فشلنا في الامتحان وأن أخا لي بيننا بضع أراضي، يموت، جوعا، عطشا، وحصارا، ونو عضو مني ولا أملك أن أدفع عنه هذا الظلم،....أبكي، لا لقلة صبري، بل لأن ألمهم في عظامي، وتوسلاتهم، دموعهم ثم صمتهم وانكفاءهم على أنفسهم، ينزع مني صخبي،..أبكي ولكن أؤمن..أتألم لكني أصبر..أدعو، كل يوم، لهم، قبل نفسي، لأن يدي خاليتي وفاض لكني أعلم أن الدعاء أقوى، من ألف صاروخ،...خربشات

لا أريد أن أعود، إنني أعيش ما تبقى من حياتي برغبة أن أذهب فقط، أذهب ولا أعود، مهما كانت خطورة الطريق أمامي لا تُجبرني على العودة، لقد كلفني الوراء ما يكفي ليجعلني أخرجه من جميع الاحتمالات التي يمكنني النظر إليها، والأخذ بها عند الحاجة، تركت العديد من الأشياء الجميلة خلفي مراراً ومضيت، كنتُ أعي جيداً بأنني سأدفع ضريبة أي قرار أتخذه، وهذه منها، وتعبي أحدها، أسمع هتافات أحدهم خلفي، يلح علي في العودة، إنها لا تغادرني أبدا، لكنني لا أستطيع أن ألتفت، ولا أستطيع أن أسيطر على نفسي عند مواجهتي لإغراء أي باب ينفتح أمامي، حتى الباب الذي فتح من أجل أن أغادر، لم أرفضه، لا أستطيع أن أعود، أدرك فداحة الأمر جيداً، وأعلم ما هو أسوأ من المغادرة وأفعله، إنني لا أُغلق الأبواب خلفي، أتركها مشرعة لتلاحقني ذكرياتها وأصحابها، وذلك أمر لا أستطيع السيطرة عليه، لا أستطيع أن أعود، لكن حتى إن توقفت لأجل الذين عادوا بعد غيبتهم أيضاً لن يجدي ذلك، لقد قطعت مسافة طويلة، طويلة جداً، لدرجة أنه لو مشى أحد عمرًا كاملاً لن يكون بمقدوره اللحاق بي.منقول..

منذ 6 شهور

مضحك.. مبكي.. مفجع لحد الدهشة، أن تعدو - وأنت الأعرج - في طرق الألف عام، تتبع بوصلة تخبرك أنك مهتد لموطنك، تتلفت خلفك لمآس تحكي.. قصة عابر قدت قميص صبره..كلاليب..من قبل ودبر..أنت هجين الألم والأمل.. ربتهما النكبة والغربة، يصل لمسمعك للمرة الأولى،.. منذ ألف عام.. أن هناك وطنا يحفل بكونك أنت، يرحب بك ولو أشلاء.. لا ينظر للندبة التي تحفر خدك وتمر على مقلتك إلا كمن ينظر لشق في وجه القمر.. وطن تحتمي به من ظلك وخوفك، أيها المسافر صارت الصحراء والوعثاء خلفك، أيها المحتضر طويلا في الفيافي بين قر وحر قد نجوت، قرب الماء الساخن أضحت من الماضي، والنار المشتعلة تحت السماء تستدفئ بها وتطرد بها وحشا تعرفه ولا تعرفه قد أبدلت بيتا وسكنا، .. قد وصلت وهذا باب الوطن فما له مغلق، من بعيد تلوح كتابة باللون الأحمر..عبارة أشد عليك من ألف سيف.. عبارة تقول بكل رعب "في الوطن الوحيد الذي تعرفه لم يعد مرحبًا بك" .. قد أسأت أيها الغريب البريء.. قد عوقبت في غيابك "بالنفي".أنيسة.

Bazz Logo Download

استكشف محتوى ممتع ومشوق

انضم لأكبر تجمع للمجتمعات العربية على الإنترنت واستكشف محتوى يناسب اهتماماتك

تم نسخ الرابط بنجاح تم نسخ الرابط بنجاح
لقد تم ارسال الرمز بنجاح لقد تم ارسال الرمز بنجاح