لقيت عجوز كُثيِّر بن عبد الرحمن الخزاعي فقالت له: أأنت كثير عزة؟قال: نعم.قالت: تُعساً لك! أتُعرفُ بامرأة؟!قال: وما يضيرني من ذاك؟ فوالله لقد رفع الله بها ذِكْري، ونشر فيها شِعري وأغزر بحري.قالت: ألستَ القائل:فما روضةٌ بالحَزْنِ طيبةَ الثرىيمُجُّ النَدى جَثْجاثُها وعَرارُهابأطيبَ من أردانِ عزَّةَ مَوْهناًوقد أوقدتْ بالمَنْدَلِ الرَّطبِ نارُهاقال: نعم.قالت: فضَّ الله فاك! تاللهِ ما رأيت شاعراً قطُّ أقلُّ عقلاً ولا أضعف وصفاً منك. أرأيت لو أنَّ أمَّةً مشقوقة المشافر بُخِرِّت بمندلٍ رطب، أما كانت تطيب؟! ألا قلت كما قال سيدك:أَلم تَرَياني كُلَّما جِئتُ طارِقاًوجَدتُ بها طِيْباً وإِنْ لم تُطَيَّبِفانصرف كُثيِّر وهو يقول:الحقُّ أبْلجَ لا يَخِيلُ سَبِيلُهُوالحقُّ يعرِفهُ ذوو الأحلامِ(الجثجاث والعرار: نبات له رائحة العِطر. مَنْدَل: عود طيب الرَّائحة. الطَّارق: الذي يأتي آخر اللَّيل من غير موعد).
لا توجد تعليقات حتى الآن!
كن أول من يعلق على هذا المنشور