جلال_الدين_سالم#
#موت_الوظيفة_في_النص #قصيدة النثر أنموذجاً #الجزء_الثاني قد يختلف الدارسون حول بداية النهوض نحو الحداثة فالبعض يرى أن محاولات شعراء المهجر هي البداية و يرى البعض الآخرون أن البداية هي في حركة الشعر الحر في العراق عام ١٩٤٨ ،و لكن لا بد أن نضيف إلى ذلك شعراء مثل أورخان ميسر الذي وصف بأنه كان طليعة الاستقصاء و التحرير في الأربعينات و الذي قد ركز على الأنا الداخلية و اللاشعور و جبران الذي يعتبره أدونيس المؤسس لرؤيا الحداثة و الرائد في التعبير عنها.و كما أختلفوا على مرجعيتها أيضا فبعضهم مثل أدونيس و كمال أبو ديب و الذين أتفق معهم ها هنا يرون أنها ارتبطت بالعصرين الأموي و العباسي حيث نلاحظ بأن الحداثة لها تيارين احدهما سياسي _فكري كما عند أبي تمام والأخر يرتبط بالحياة اليومية كما عند أبي النواس وفهم يرون أن الحداثة الشعرية العربية ليست إبتكارا غربيا و أن الشعر العربي عرفها قبل الغرب أي قبل بودلير و رامبو و غيرهم بحوالي عشرة قرون بينما يرى .البعض الأخر مثل وليد قصاب و عبد الرحمن القعودبأنها نسخة من الحداثة الغربية أو متفرعة عنها و أن الحداثة الغربية هي العراب و الاب الروحي للحداثة العربية و لهذا يرى غالي شكري أنه ليس من المجدي تسويغ شعرنا الحديث بميراثنا التاريخي و إكتشاف جوهر القصيدة العربية الحديثة على الإلتفات إلى جوهر القصيدة الغربية الحديثة.منذ حوالي ستة عقود مضت حاول مجموعة من الشعراء تأدية الدور الواجب على المثقف و هو الثورة على الذات و الثورة على الآخر فيما يتعلق بالشعر و كان من جملتهم الشاعر محمد الماغوط و يوسف الصائع و أنسي الحاج وأدونيس الذي نشر مقالة في مجلة شعر وبحسب ما أعلم بأن مصطلح قصيدة النثر تزامن خروجه للمشهد الثقافي العربي مع مقالة أدونيس حيث يقول:"إن تحديد بالوزن تحديد سطحي، و قد يناقض الشعر لأنه تحديداً للنظم لا الشعر، فليس كل كلام موزون يمكن أن يكون شعراً و ليس كل نثر يخلو من الشعر، إن قصيدة نثرية يمكن أن تكون بالمقابل شعراً"كما أكد أدونيس على أن قصيدة النثر لها جذورها في التاريخ العربي على الرغم من أنها مصطلح غربي و خاصة بعد الرجوع إلى كتابات الصوفية كالنفري و ابن عربي و لذلك فهو يرى أن الشعر لا ينبغي أن يكون موزوناًليحافظ على شاعريته لكن المسألة تكمن في آلية إستخدام جوهرية اللغة في التعبير.و على الرغم من أن أراء أدونيس بهذا الخصوص و قصيدة النثر إجمالاًلاقت في بدايتها كثيراً من الهجمات و الإنتقاد إلا أننا نرى بأنها أصبحت اليوم تشكل جزءاً لا يمكن فصله عن التكوين الخاص بالمشروع الثقافي العربي.الإشكالية تكمن بأن الشعر موزوناً كان أو نثراً في جوهره عبارة عن وظيفة يتوجب على من يعمل بها أن يمتلك رؤيا كونية واسعة تمكنه من التعبير عن كل ما هو بسيط بصورة جمالية و أن يمتلك القدرة على الولوج في ما وراء الأشياء لربط الممكن باللا ممكن و هذه الرؤيا الشاملة هي ما تجعل من النص خالداً بعد أن يفنى الكاتب و يتبدل المتلقي أو القارئ.لكن اليوم و لكون الإشكالية الأساسية التي تواجه المجتمعات العربية هي مشكلة قراءة لا مشكلة كتابة حيث أن المشروع الإبداعي العربي مليء بالكتاب الحقيقين الذين يملكون فكراً حقيقيا و لكن هذه المسألة أدت إلى إندثار هذه الأسماء بسبب قلة النخب الثقافية التي تقرأهم و لن أبالغ بقول أن قلة من تعرفهم و بالتالي صعود أشباه الشعراء و تصدرهم للمشهد الثقافي وتحول النص بدلاً من رؤيا فكرية إلى عملية حسابية "سطر زائد سطر يساوي نصاً" و مع كثرة مواقع التواصل الإجتماعي أصبح هؤلاء الأشخاص ينافقون بعض فقط من أجل تبادل الإعجابات و المديح الزائف و بالتالي الظهور على حساب الكاتب الحقيقي و موت الوظيفة الحقيقية للنص. #معارج_الوصول #جلال_الدين_سالم
#موت_الوظيفة_في_النص #"قصيدة_النثر_أنموذجاً" #ج1 بدايةً و قبل الدخول إلى صلب الموضوع لا بد من تعريف #الثقافة و #المثقف و #النص و الدور الذي يجب عليه تأديته كلٌ منهم.إن الثقافة مصطلح لا يوجد له تعريف محدد يمكن الأخذ به دون الآخر و لذلك وصفها "ريموند ويليامز"بأنها واحدة من ثلاث أصعب مصطلحات تعريفاً ولكن أرى شخصياً بأنها مجموعة من القيم و العادات و المعتقدات التي تنتجها حضارة معينة و يتفاعل معها الشخص وفقاً لمنظوره الشخصي و محدداته الفردية ولذلك لا بد أن أشير بأنه ليس من الضروري أن أكون قارئاً للكتب و أستمع لموسيقى "بيتهوفن" لأكون شخصاً مثقفاً لأن هذا المصطلح في طياته هو أشمل من هذا الحصر.أما المثقف و بناءاً على تعريف الثقافة فنشتق منها بأنه كل شخص يحاول أن ينشر وعياً على صعيد معيّن و يحاول النهوض بمقومات الحضارة لإنشاء نظام يراه أكثر إنسانية و أكثر عقلانية و السعي لتغيير الواقع المعاش من خلال محاولة تغيير المفاهيم لدى العامة.و بخصوص تعريف النص فيمكن القول بأنه تمثيل للنظام المركزي في البنية الثقافية الخاصة بالكاتب من خلال مجموعة من المفردات لإيصال فكرة ما بشكل مباشر أو من خلال مجموعة من المدلولات.لطالما كان للثقافة و المثقف دوراً أساسيا وهاماً في التكوين الحضاري للمجتمعات و كان يحمل المثقف على كاهله حملاً ثقيلاً لتأدية الدور الموكل إليه و هو الحفاظ على النسيج الذي يربط بين الأفرد في المجتمع و المجتمعات بين بعضها متماسكاً مع ضرورة الحفاظ على الهوية الفردية التي يمنحها المنظور الشخصي للفرد بحسب معالجته للقضايا فتوّلد حالة الإبداع.وقد كانت الثقافة عملاً تحريضيا يحرض الذات ضد نفسها و يحرضها ضد الآخر من خلال محاولتها للإبداع و محاولتها لتجاوز الآخرين بالإختلاف عنهم و هي بذلك تشكل مشروع حضاري إبداعي يمثل إتحاداً كونياً يفوق الذات الكاتبة كاسراً ظروفها و متجاوزاً حدودها.قبل مرحلة الإحياء الشعري العربي كان الشاعر يعبر عن تجارب بسيطة واضحة في بيان واقعي غير معقد فكان شعره واضحا سهل الفهم و الإدراك متماشيا بذلك مع ما يفرزه الواقع الحياتي من قضايا و موضوعات.لكن بعد أن بدأت الحياة في التحول و التطور و التعقيد و تعقدت معها المفاهيم و الموضوعات و متطلبات الحياة إنجرفت معها المفاهيم الثقافية و الفكرية و النفسية فأيقظ الشاعر و حرك وعيه و نبهه إلى وجوب تطوير نصه ما يجعله قادرا على المواكبة و الإستجابة.الحركة الحداثية التي بدأ التعبير عنها في العصر العباسي و بلغت ذروتها في خمسينيات القرن العشرين و ما بعده حيث أنها أصبحت بعد ذلك أوضح و أبعد و أعمق و أجرأ،و كان هذا بسبب الظروف الموضوعية للمجتمع العربي الحديث و التي أدت لأنشاء ظروفا ذاتية خاصة بكل شاعر صقلت تجربته و حفزت وعيه بتأثره بثقافة الغرب و حداثته.فأصبح الشاعر بحاجة لنص يستوعب هذه الظروف و يستوعب في نفس الوقت هذا الكم من الثقافة الحديثة التي إكتسبها و يوظفها توظيفا واعيا فاعلا في التعبير عن واقعه و أدى لنهوض نص بتعبير شكلي و كيفي مختلف يجسد الواقع المتغير و يرسم أبعاده و أعماقه.حركة الحداثة التي حدثت في مجتمعنا العربي و خاصة في بدايتها كانت بمستوى ما حصل في الغرب، فما حصل في المجتمع الغربي كان من الوضوح و عمق التأثر و التأثير كافيا لجعل (راندل جاريل) يقول بأن التطور جعل الشعر غامضا، و أن يذهب (أدورنو) أن هذا المجتمع و صناعاته الثقيلة ضيع وضوح الفن.قد لا يكون ما حدث في الغرب بمستوى ما حدث في مجتمعنا لكنه كان من المستوى بأن يكفل بتنبيه الشاعر و تحفيز وعيه و إيقاظه و أخص بالذكر ما مرت به امتنا إبتداء من نكبة فلسطين عام ١٩٤٨ و ما تلاها من الهزائم و الإنكسارات. #معارج_الوصول #جلال_الدين_سالم
إلى كل المهتمين بالقراءة و الثقافة والآدب و الفن تمكنت من الحصول على رابط يحوي نسخ #pdf لجميع أعداد #سلسلة_عالم_المعرفة التي تصدر عن #المجلس_الوطني_الثقافي_الكويتي من العام 1978 إلى العام 2017 فيما يفوق الـ 450 كتاب متعددة المواضيع والتي تمتاز بأنها موجهة للقارىء العربي غير المتخصص. للحصول على الرابط أرجو إرسال رسالة و سيتم تزويدك به. #جلال_الدين_سالم #عالم_المعرفة #قراء_باز
نسخ الرابط